للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمل ابنى فناوله [صاحب] (١) الطست-وأنا أنظر إليه-فغسله بذلك الإبريق سبع مرّات، ثم ختم بين كتفيه بالخاتم ختما واحدا، ولفّه فى الحريرة، واستدار عليه خيطا من المسك الأذفر، ثم حمله فأدخله بين أجنحته ساعة، وقال فى أذنه كلاما كثيرا لم أفهمه، وقبّله بين عينيه وقال: أبشر يا محمد، فما بقى لنبىّ علم إلا قد أعطيته؛ فأنت أكثرهم علما، وأشجعهم قلبا، معك مفاتيح النصر، وقد ألبست الخوف والرعب، ولا يسمع أحد بذكرك إلا وجد فى فؤاده وخاف قلبه (٢) وإن لم يرك يا حبيب الله. ثم رأيت رجلا أقبل نحوه حتى وضع فاه على فيه فجعل يزقّه كما تزقّ الحمامة فرخها، فكنت أنظر إلى ابنى يشير بإصبعه يقول: زدنى زدنى. فزقّه ساعة ثم قال: أبشر يا حبيبى، فما بقى لنبىّ حلم إلا قد أوتيته، ثم احتمله فغيّبه عنى، فجزع فؤادى، وذهل قلبى، فقلت: ويح قريش والويح لها: ماتت كلها، أنا فى ليلتى وفى ولادتى أرى ما أرى، ويصنع بولدى ما يصنع ولا يقربنى أحد من قومى!! إن هذا لهو أعجب العجب. فبينما أنا كذلك وإذا أنا به قد ردّ علىّ كالبدر، وريحه يسطع كالمسك، وهو يقول: خذيه فقد طافوا به الشرق والغرب على مواليد الأنبياء أجمعين، والساعة كان عند أبيه آدم، فضمه إليه وقبله بين عينيه وقال: أبشر يا حبيبى؛ فأنت سيّد الأولين والآخرين.

وناولنيه ومضى، وجعل يلتفت ويقول: أبشر بعزّ الدنيا وشرف


(١) سقط فى الأصول، والإثبات عن الخصائص الكبرى ١:١٢٣.
(٢) فى الأصول «وخاف عليه». والمثبت عن الخصائص الكبرى ١:١٢٣.