وكان عبد الله بن عمر حج فى هذه السنة، فأرسل إلى الحجاج: أن اتّق الله وآكفف هذه الحجارة عن الناس؛ فإنك فى شهر حرام وبلد حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا الفريضة ويزدادوا خيرا، وإن المنجنيق قد منعهم عن الطواف، فآكفف الرمى عنهم حتى يقضوا ما يجب عليهم بمكة.
فبطل الرمى حتى عاد الناس من عرفات وطافوا وسعوا.
وحج بالناس الحجاج إلا أنه لم يطف بالكعبة ولا سعى بالصفا والمروة؛ منعه ابن الزبير من ذلك فكان يلبس السلاح، ولا يقرب النساء، ولا يتطيّب إلى أن قتل ابن الزبير. ولم يمنع ابن الزبير الحاجّ من الطواف والسعى، ولم يحج ابن الزبير ولا أصحابه؛ لأنهم لم يقفوا بعرفة ولم يرموا الجمار، ونحر ابن الزبير بدنه بمكة (١).
فلما فرغ الحاج من طواف الزيارة نادى منادى الحجاج:
انصرفوا إلى بلادكم؛ فإنّا نعود بالحجارة على ابن الزبير الملحد.
وأول ما رمى المنجنيق بالحجارة والنيران على الكعبة-فاشتعلت أستار الكعبة بالنار-رعدت السماء وأبرقت، وجاءت سحابة من نحو جدة يسمع منها الرعد ويرى البرق، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فمطرت فما جاوز مطرها الكعبة والمطاف؛ فأطفأت النار؛ فأعظم ذلك أهل الشام وأمسكوا أيديهم، فأخذا