وأنشد عبد الملك الشعر فأرسل إليه من ردّه من طريقه، فلما دخل عليه قال: يا حار أخبرنى عنك، هل رأيت عليك بالمقام ببابى غضاضة وفى قصدى دناءة؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين. قال:
فما حملك على ما قلت وفعلت؟ قال: جفوة ظهرت لى كنت حقيقا بغيرها. قال: فاختر، إن شئت أعطيتك مائة ألف درهم، أو قضيت دينك، أو ولّيتك مكة سنة. فولاّه إيّاها، فحج بالناس، وحجت عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم بن مرّة التيمى، وكان يهواها، فأرسلت إليه: أخّر الصلاة حتى أفرغ من طوافى. فأمر المؤذن فأخّر إقامة الصلاة حتى فرغت من طوافها، وجعل الناس يصيحون به، فلا والله ما قام إلى الصلاة حتى فرغت، فأنكر ذلك أهل الموسم، فبلغ ذلك عبد الملك فعزله، وكتب إليه يؤنّبه فيما فعل، فقال: ما أهون غضبه إذا رضيت عائشة، والله لو لم تفرغ من طوافها إلى الليل لأخّرت الصلاة إلى الليل-انتهى (١).
وفيها حج صالح بن مسرح أحد بنى امرئ القيس بن زيد مناة ابن تميم، وكان يرى برأى الصفّريّة، وقيل هو أوّل من خرج منهم، وخرج معه شبيب بن يزيد، وسويد، والبطين وأشباههم، فهمّ شبيب أن يفتك بعبد الملك بن مروان، فبلغه ذلك من خيرهم، فكتب إلى الحجاج بعد انصرافه يأمره بطلبهم، وكان صالح يأتى الكوفة