للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أودية مكة مختفيا بمكان كذا، فأرسل خالد فى طلبه، فأتاه الرسول، فلما نظر إليه قال له: إنى أمرت بأخذك، وأتيت لأذهب بك إليه، وأعوذ بالله من ذلك؛ فالحق بأى بلد شئت وأنا معك.

فقال سعيد بن جبير: ألك ها هنا أهل وولد؟ قال: نعم.

[قال] (١): إنهم يؤخذون بعدك وينالهم من المكروه مثل الذى/ كان ينالنى. قال: فإنى أكلهم إلى الله ﷿. فقال سعيد:

لا يكون هذا. فأتى به إلى خالد، فشده وثاقا، ثم بعث به إلى الحجاج. فقال رجل من أهل الشام: إن الحجاج قد أنذر به وأشعر به قبلك، فما عرض له، فلو جعلته بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرّب به إلى الله. قال خالد-وظهره إلى الكعبة قد استند إليها-: والله لو علمت أن عبد الملك لا يرضى [عنى] (١) إلا بنقض هذا البيت حجرا حجرا لنقضته فى مرضاته.

وبعث الوليد بن عبد الملك إلى واليه على مكة خالد القسرى بستة وثلاثين ألف دينار، فضرب منها على باب الكعبة صفائح الذهب، وعلى ميزاب الكعبة وعلى الأساطين التى فى باطنها وعلى الأركان التى فى جوفها، ويقال إن الحلية التى حلاّها الوليد بن عبد الملك للكعبة هى ما كان فى مائدة سليمان بن داود من ذهب وفضة قد احتملت من طليطلة من جزيرة الأندلس على بغل قوى فتفسخ تحتها، وكانت لها أطواق من ياقوت وزبرجد (٢).


(١) الإضافة عن الإمامة والسياسة ٢:٥١.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ١:٢١١،٢١٢، وشفاء الغرام ١:١١٤،١١٥.