للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبط ابن الجوزى: إن الذى حجّ بالناس-بالاتفاق-أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان (١)، وكتب له أبو الزناد سنن الحج، قال أبو الزناد: لقيت هشاما؛ فإنى لفى الموكب إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان، فسار إلى جنبه فسمعته يقول له: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم، ولم يزالوا يلعنون فى هذه المواطن أبا تراب، فإنها مواطن صالحة، وأمير المؤمنين لا ينبغى له إلا أن يلعنه فيها. فشق ذلك على هشام من قوله. فقال:

ما قدمنا لشتم أحد ولا للعنه، قدمنا حجاجا. ثم قطع كلامه وأقبل علىّ يسألنى عن الحج، فأخبرته بما كتبت له. قال: وشقّ على سعيد أنى سمعته يتكلم بذلك وكان منكسرا كلما رآنا (٢).

ودخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال له: يا سالم سلنى حاجة. فقال: إنى لأستحى من الله أن أسأل فى بيته غير الله. فلما خرج سالم سأله فى أمره فقال:

الآن خرجت فسلنى حاجة. فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: من حوائج الدنيا. فقال له سالم: ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها!! (٣).


(١) المحبر ٢٩، وتاريخ الطبرى ٨:١٨٢، ومروج الذهب ٤:٤٠٠، والكامل لابن الأثير ٥:٥٢،٥٤، والبداية والنهاية ٩:٢٣٤، والذهب المسبوك ٣٥، ودرر الفرائد ٢٠٤.
(٢) تاريخ الطبرى ٨:١٨٦، والكامل لابن الأثير ٥:٥٢، والبداية والنهاية ٩:٢٣٤، والذهب المسبوك ٣٥، ودرر الفرائد ٢٠٥.
(٣) البداية والنهاية ٩:٢٣٤،٢٣٥.