للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: هربوا منك مخافة أن تحملهم على ما ظهر من طريقتك، ولكن افتح الأبواب، وسهّل الحجاب، وانتصر للمظلوم، وامنع الظالم، وخذ الشئ مما حل وطاب، واقسمه بالعدل، وأنا ضامن عمن هرب منك أن بأتيك فيعاونك على صلاح أمرك ورعيتك. فقال المنصور:

اللهم وفقنى أن أعمل بما قال هذا الرجل.

وجاء المؤذنون فسلموا عليه، وأقيمت الصلاة، فخرج فصلى بهم (١). فقال للحرسى: عليك بالرجل، إن لم تأتنى به لأضربن عنقك. واغتاظ غيظا شديدا. فخرج الحرسى يطلب الرجل، فبينما هو بالطواف إذا هو بالرجل قائم يصلى، فقعد حتى صلى، ثم قال:

ياذا الرجل أما تتقى الله؟ قال: بلى. قال: ما تعرفه؟ قال: بلى.

قال: فانطلق معى فقد توعدنى أن يقتلنى إن لم آته بك. قال: ليس إلى ذلك سبيل. قال: يقتلنى!! قال: ولا يقتلك. قال: كيف؟ قال: تحسن تقرأ؟ قال: لا. قال: فأخرج من مزود كان معه رقّا فيه شئ مكتوب فقال: خذه فاجعله فى جيبك؛ فإن فيه دعاء الفرج. قال: وما دعاء الفرج؟ قال: لا يرزقه إلا السعداء. قال:

رحمك الله قد أحسنت إلىّ، فإن رأيت أن تخبرنى ما هذا وما فضله.

قال: من دعا به صباحا أو مساء هدمت ذنوبه، ودام سروره، ومحيت خطاياه، واستجيب دعاؤه، وبسط له فى رزقه، وأعطى أصله، وأعين على عدوه، وكتب عند الله صدّيقا، ولا يموت إلا شهيدا.


(١) زاد الإعلام بأعلام بيت الله الحرام ٩٤ «فإذا بالرجل قد غاب من بين أيديهم، فلما فرغ المنصور من الصلاة سأل عنه، فقالوا: ذهب».