فقلت: ليس هذا حاجتى. فما زال يخرج واحدا واحدا حتى أخرج إلىّ الغلام، فلما بصرت به بدرت عيناى [فقال: هذا هو؟](١) فقلت: نعم هذا. فقال: ليس إلى بيعه سبيل. قلت:
ولم؟ قال: قد تبركت بموضعه فى هذه الدار؛ وذاك أنه لا يرزأنى شيئا. قلت: ومن أين طعامه؟ قال: يكسب من فتل الشريط نصف دانق أو أقل أو أكثر فهو قوته، فإن باعه فى يومه وإلا طوى ذلك اليوم، وأخبرنى الغلمان عنه أنه لا ينام هذا الليل الطويل، ولا يختلط بأحد منهم [مهتمّ](١) بنفسه، وقد أحبه قلبى. فقلت له:
أنصرف إلى سفيان الثورى وإلى فضيل بن عياض بغير قضاء حاجة؟! فقال: إنّ ممشاك عندى كبير، خذه بما شئت.
قال: فاشتريته فأخذت نحو دار فضيل، فمشيت ساعة، فقال لى: يا مولاى. فقلت: لّبيك. قال:[لا تقل لى لبيك؛](١) فإن العبد أولى أن يلبى المولى. قلت: حاجتك يا حبيبى؟ قال: أنا ضعيف البدن لا أطيق الخدمة، وقد كان لك فى غيرى سعة؛ قد أخرج إليك من هو أجلد منى. فقلت: لا يرانى الله وأنا أستخدمك، ولكن أشترى منزلا وأزوّجك وأخدمك أنا بنفسى. قال: فبكى، فقلت: ما يبكيك؟ قال: أنت لم تفعل بى هذا إلا وقد رأيت بعض متّصلاتى بالله تعالى، وإلا فلم اخترتنى من بين الغلمان؟ فقلت له: ليس بك حاجة إلى هذا. فقال لى: