للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فشاورهم فى ذلك، فقدروا ذلك فإذا هو لا يستوى لهم من أجل الوادى والسيل، وقالوا: إن وادى مكة له (١) أسيال عارمة (١) وهو واد حدور، ونحن نخاف إن حولنا الوادى عن مكانه ألا ينصرف لنا على ما نريد، مع ازوراره من الدور والمساكن، وما يكثر فيه من المؤنة ولعله ألا يتم. فقال المهدى: لابد من أن أوسعه حتى أوسط الكعبة فى المسجد على كل حال، ولو أنفقت فيه بيوت الأموال.

وعظمت فى ذلك نيته، واشتدت رغبته/، ولهج بعمله فكان من أكبر همّه، فقدّروا ذلك-وهو حاضر-ونصبوا الرماح على الدور من أول موضع الوادى إلى آخره، ثم ذرعوه من فوق الرماح حتى عرفوا ما يدخل فى المسجد من ذلك وما يكون فى الوادى منه، فلما نصبوا الرماح على جنبى الوادى وما يدخل فى المسجد من ذلك وزنوه مرّة من بعد مرة وقدروا ذلك.

ثم خرج المهدى إلى العراق وخلف الأموال، فاشتروا من الناس دورهم، فكان ثمن كل ما دخل فى المسجد من ذلك كل ذراع مكسر بخمسة وعشرين دينارا، وكان ثمن كل ما دخل فى الوادى خمسة عشر دينارا، وأرسل إلى الشام وإلى مصر فنقلت أساطين الرخام فى السفن حتى أنزلت بجدة، ثم نقلت على العجل من جدة إلى مكة، وابتدءوا عمل ذلك فى سنة سبع وستين-كذا قال الأزرقى فى تاريخه (٢).


(١) كذا فى م والمرجع السابق. وفى ت «سيل عارم».
(٢) أخبار مكة للأزرقى ٢:٧٨ - ٨٠.