للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاءت امرأة تطوف عريانة، وكان لها جمال، فرآها رجل فأعجبته، فدخل الطواف فطاف إلى جانبها لأن يمسها (١)، فأدنى عضده من عضدها فالتزقت عضده بعضدها، فخرجا من المسجد من ناحية بنى سهم هاربين على وجوههما، فزعين لما أصابهما من العقوبة، فلقيهما شيخ من قريش-خارجا من المسجد-فسألهما عن شأنهما، فأخبراه بقصتهما، فأفتاهما أن يعودا إلى المكان الذى أصابهما فيه ما أصابهما، فيدعوان ويخلصان ألاّ يعودا. فرجعا إلى مكانهما فدعوا الله سبحانه وأخلصا لله ألاّ يعودا؛ فافترقت أعضادهما، فذهب كل واحد منهما فى ناحية (٢).

وكانت الحلة يخرجون إلى عرفات ويرونها موقفا ومنسكا، وكان موقفها بالعشىّ دون الأنصاب، ومن آخر الليل مع الناس بقزح. وكان بعضهم لا يرى الصفا والمروة (٣)، وبعضهم يراها، وكان الذين يرونها خندف، وكان سائر الحلّة لا يرونها؛ وذلك أنهم قالوا: ما كان أهل الجاهلية ممن يطوف بهما إلا لإساف ونائلة؛ لأن إساف على الصفا ونائلة على المروة.

فلما جاء الله بالإسلام أمر الحمس أن يقفوا مع الحلة بعرفة، وأن يفيضوا من حيث أفاض الناس منها مع الحلة، وأمر الحلة أن يطوفوا بين الصفا والمروة، وأعلمها الله أنها مشعر؛ فقال ﴿إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ (٤).


(١) فى ت، هـ «يمسكها». والمثبت عن م وأخبار مكة للأزرقى ١:١٧٨.
(٢) المرجع السابق ١:١٧٨،١٧٩، والروض الأنف ١:٢٣٢.
(٣) أى: لا يرى وجوب الطواف والسعى بينهما. هامش شفاء الغرام ٢:٤٢.
(٤) سورة البقرة آية ١٥٨.