استوفاه، ثم شدّه شدا سهلا، ووضعه على كتفه، وأقلب خلقاته فوقه، ثم أراد الخروج فلما بلغ باب الدار تأمل أمر الشيخ الخراسانّى فرجع، وقال له: يا شيخ، مات أبى ﵀، وترك ثلاثة آلاف دينار، وقال لى: أخرج ثلثها ففرّقه على من هو أحقّ الناس عندك، وتبيع رحلى، واجعله نفقة لحجّك. ففعلت ذلك، وأخرجت ثلثها ألف دينار، وشددتها فى هذا الهميان، وما رأيت منذ خرجت من خراسان إلى ها هنا رجلا أحق به منك، فخذه بارك الله لك فيه. ثم ولّى وتركه فولّيت خلف الخراسانى، فعدا أبو غياث فلحقنى وردّنى بجذبته- وكان (١) شيخا مشدود الوسط (١) بشريط معصب الحاجبين، ذكر أن له ستا وثمانين سنة، وإنما الفقر والجوع أنهكه-فقال: اجلس؛ فقد رأيتك تبعتنى فى أول يوم، وعرفت خبرنا فى الأمس واليوم، سمعت أحمد بن يونس اليربوعى يقول سمعت مالكا يقول، سمعت نافعا يقول، عن عبد الله بن عمر ﵄: إن النبى ﷺ قال لعمر، وعلىّ ﵄: إذا أتاكما الله بهدية بلا مسألة، ولا استشراف نفس، فاقبلاها ولا تردّاها فتردّاها على الله، وهى هدية من الله والهدية لمن حضر؛ لما رووا من المأثور عن رسول الله ﷺ بذلك يا فتى. ثم قال: يا لبابة وكتينة وبثينة، وأسماء الباقيات منهن-قال أبو حازم: نسيت أسماء البنات والأخوات-وقعد وأقعدنى، فكان له أربع بنات وأختان وزوجة وأمها، وهو وأنا؛ فصرنا عشرة، فحل
(١) كذا فى م، وصفة الصفوة ٢:٢٦٣. وفى ت «وكان شديدا قد شد وسطه بشريط».