لشقّ الرّخام، ولعمل الذهب والفضة، وأمر أمير المؤمنين بكتاب إلى العامل بمكة-فى جواب ما كان هو وصاحب البريد كتبا به-: إن أمير المؤمنين قد أمر بتوجيه إسحاق بن سلمة الصائغ بمن معه من الصناع والذهب والفضة والرخام والآلات للوقوف على تلك الأعمال، وردّ الأمر فيها إلى إسحاق ليعمل بما فيه الصلاح والإحكام إن شاء الله تعالى. فقدم إسحاق بن سلمة بمن معه من الصناع والذهب والفضة والرخام والآلات مكة لليلة بقيت من رجب من السنة، ومعه كتاب منشور مختوم، فى أسفله خاتم أمير المؤمنين إلى العامل بمكة وغيره من العمال بمعاونة إسحاق بن سلمة ومكانفته على ما يحتاج إليه فى ترويج هذه الأعمال، وألا يجعلوا على أنفسهم-فى مخالفة ما أمروا به-سبيلا.
فدخل إسحاق بن سلمة الكعبة فى شعبان بعد قدومه مكة بأيام، ودخل معه العامل بمكة، وصاحب البريد، وجماعة من الحجبة، وناس من أهل مكة من صلحائهم من القرشيين، وجماعة من الصناع الذين قدم بهم معه، وأحضر منجنيقا طويلا ألصقه إلى جانب الجدر الذى يقابل من دخل الكعبة، وصعد عليه إسحاق بن سلمة، ومعه خيط وسابورة (١) فأرسل الخيط من أعلى المنجنيق، وهو قائم عليه ثم نزل وفعل ذلك بجدراتها الأربعة فوجدها كأصح ما
(١) فى الأصول «الشابورة» والمثبت عن أخبار مكة للأزرقى ١:٣٠٢. والسابورة: يريد بها المسبار الذى يسبر ويقاس به الغور ونحوه، ولعلها الآلة التى يضبط بها استقامة الجدران واستواؤها من أعلاها إلى أسفلها.