للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَرَوِيُّ (١) فتعَصَّبَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الحَنَابلَةِ كَثيرًا، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ حَتَّى هَلَكَ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الأيَّامِ قَدْ غَدَا سَاعٍ (٢) أَسْوَدُ لِلْشِّيعَةِ، وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، فَانْبَطَّ وَوَقَعَ مَيْتًا، فَضَاقَتْ صُدُوْرُهُمْ لِذلِكَ، فَجَلَسَ الشَّيْخُ عَقِيْبَ ذلِكَ، وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: كَمْ أَبْرَقَ مُبْتَدِعٌ بِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَأَرْعَدَ، فَحَظِيَ يَوْمًا لَهُ وَهُوَ بِالعَيْشِ الأرْغَدِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبْعَدْ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَمُوْتَ، وإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُحْرَدَ، مَاتَ البَرَوِيُّ وانْبَطَّ الأسْوَدُ.

وَمِنْ كَلَامِهِ فِي بَعْضِ المَجَالِسِ: مَنْ مُبْلِغٌ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَل، إِنْ زَرَعَ كَيْفَ أَقُوْلُ مَا لَمْ يَقُلْ سُنْبُلْ؟

وَقِيْلَ لَهُ مَرَّةً: قَلِّلْ مِنْ ذِكْرِ أَهْلِ البِدَعِ مَخَافَةَ الفِتَنِ، فَأَنْشَدَ: (٣)


(١) البَرَوِيُّ هَذَا اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ (ت: ٥٦٧ هـ) فَقِيْهٌ، مُفْتٍ، شَافَعِيُّ المَذْهَبِ، خُرَاسَانِيٌّ. قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: قَدَمِ "بَغْدَادَ" وأَقْبَلُوا عَلَيْهِ كَثيْرًا فَمَاتَ بَعْدَ أَشْهُرٍ". أَخْبَارُهُ في: المُنتَظَمِ (١٠/ ٢٣٩)، وَوَفَيَاتِ الأعْيَانِ (٤/ ٢٢٥)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (٢٠/ ٥٧٧)، وَطَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ للسُّبكِيِّ (٦/ ٣٨٩).
(٢) في (أ): "اتباع".
(٣) البَيتان لِمَجْنُوْنِ لَيْلَى في ديوانِهِ (٩٤) وَفِيْهِ: "أَخَذَ أَبُوْهُ بِيَدِهِ إِلَى مَحْفَلٍ مِنَ النَّاسِ فِي أَيَّامِ الحَجِّ فَسَألهُمْ أبُوْهُ أَنْ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى لَهُ بالفَرَجِ، فَلَمَّا أَخَذَ النَّاسُ فِي الدُّعَاءِ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
ذَكَرْتُكِ وَالحَجِيْجُ لَهُمْ أَجِيْجٌ … بِمَكَّةَ وَالقُلْوْبُ لَهَا وَجِيْبُ
فَقُلْتُ وَنَحْنُ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ … بِهِ للهِ أَخْلَصَتِ القُلُوْبُ
أَتُوْبُ إِلَيْكَ يَا رَحْمَن مِمَّا … عَمِلْتُ فَقَدْ تَظَاهَرَتِ الذُّنُوْبُ =