للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَذَكَرَهُ العِمَادُ الكَاتِبُ فِي "الخَرِيْدَةِ" (١)، وَابْنُ خَلِّكَانَ، وَالحَمَوِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو شَامَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ اشْتِهَارُهُ بِالعُلُوْمِ وَالفَضَائِلِ يُغْنِي عَنِ الإِطْنَابِ فِي ذِكْرِهِ، وَالإِسْهَابِ فِي أَمْرِهِ، فَلَقَدْ بَلَغَ ذِكْرُهُ مَبْلَغَ اللَّيلِ، وَسَارَتْ بِتَصَانِيْفِهِ الرُّكْبَانُ إِلَى أَقْطَارِ الأرْضِ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهَا انْتِفَاعًا بَيِّنًا.

قَالَ ابنُ النَّجَّارِ -بَعْدَ ذِكْرِ نُبْذَةً مِنْ أَسْمَاءِ مُصَنَّفَاتِهِ- مَنْ تَأَمَّلَ مَا جَمَعَهُ بَانَ لَهُ حِفْظُهُ وَإِتْقَاُنهُ، وَمِقْدَارُهُ فِي العِلْمِ، وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- مَعَ هَذِهِ الفَضَائِلِ وَالعُلُومِ الوَاسِعَةِ ذَا أَوْرَادٍ وَتأَلُّهٍ، وَلَهُ نَصِيْبٌ مِنَ الأذْوَاقِ الصَّحِيْحَةِ، وَحَظٌّ مِنْ شُرْبِ حَلَاوَةِ المُنَاجَاةِ، وَقَدْ أَشَارَ هُوَ إِلَى ذلِكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي الوَعْظِ وَالمَعَارِفِ لَيْسَ بِكَلَامِ نَاقِلٍ أَجْنَبِيٍّ مُجَرَّدٍ عَنِ الذَّوْقِ، بَلْ كَلَامُ مُشَارِكٍ فِيْهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابنُ القَادِسِيِّ فِي "تَارِيْخِهِ" أَنَّ الشَّيْخَ كَانَ يَقُوْمُ اللَّيْلَ، وَيَصُوْمُ النَّهَارَ، وَلَهُ مُعَامَلَاتٌ، وَيَزُوْرُ الصَّالِحِيْنَ إِذَا جُنَّ اللَّيْلُ، وَلَا يَكَادُ يَفْتُرُ (٢) عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَلَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَتْمَةٌ يَخْتِمُ فِيْهَا القُرآنَ (٣) كَذَا قَالَ: وَهَذَا بَعِيْدٌ جِدًّا، مَعَ اشْتِغَالِهِ بِالتَّصَانِيْفِ.

قَالَ: وَرَأَى رَبَّ العِزَّةِ فِي مَنَامِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمَعَ هَذَا فَلِلْنَّاسِ فِيْهِ -رَحِمَهُ اللهُ- كَلَامٌ مِنْ وُجُوهٍ:


(١) لَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا في "الخَرِيْدَةِ" قِسْمُ شُعَرَاءِ العِرَاقِ، فَلَعَلَّهُ في "ذَيْلِ الخَرِيْدَةِ"؟!
(٢) بَعْدَهَا في (ط): "إِذَا جَنَّ اللَّيْلُ، وَلَا يَكَادُ يَفْتُرُ" مكررة.
(٣) تَقَدَّمَ عَنْ سِبْطِهِ أَبِي المُظَفَّرِ أَنَّهُ يَخْتِمُ القُرآنَ فِي كُل أُسْبُوعٍ؟!