مِنها: كَثْرَةُ أَغْلَاطِهِ فِي تَصَانِيْفِهِ، وَعُذْرَهُ فِي هَذَا وَاضِحٌ، وَهوَ أَنَّهُ كَانَ مُكْثِرًا مِنَ التَّصَانِيْفِ، فَيُصَنِّفُ الكِتَابَ وَلَا يَعْتَبِرُهُ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهِ، وَرُبَّما كَتَبَ فِي الوَقْتِ الوَاحِدِ فِي تَصَانِيْفِ عَدِيْدَةٍ، وَلَوْلَا ذلِكَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ هَذِهِ المُصَنَّفَاتُ الكَثيْرَةُ. وَمَعَ هَذَا فَكَانَ تَصْنِيْفُهُ فِي فُنُوْنٍ مِنَ العُلُوْمِ بِمَنْزِلَةِ الاِخْتِصَارِ مِنْ كُتُبٍ فِي تِلْكَ العُلُوْمِ، فَيَنْقُلُ مِنَ التَّصَانِيْفِ منْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُتْقِنًا لِذلِكَ العِلْمِ مِنْ جِهَةِ الشُّيُوْخِ وَالبَحْثِ، وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَنَا مُرَتِّبٌ، وَلَسْتُ بِمُصَنِّفٍ.
وَمنها: مَا يُوْجَدُ فِي كَلَامِهِ مِنَ الثَّنَاءِ، وَالتَّرَفُّعِ وَالتَّعَاظُمِ، وَكَثْرَةِ الدَّعَاوَى وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ عِندَهُ مِنْ ذلِكَ طَرَفٌ، وَاللهُ يُسَامِحُهُ.
مِنها: وَهُو الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ نَقِمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ أَصْحَابِنَا وَأَئِمَّتِهِمْ مِنَ المَقَادِسَةِ وَالعَلْثيِّيْنَ مِنْ مَيْلِهِ إِلَى التَّأْوِيْلِ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ، وَاشْتَدَّ نُكْرُهُمْ عَلَيْهِ فِي ذلكَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي ذلِكَ مُضْطَرِبٌ مُخْتَلِف، وَهُوَ وَإنْ كَانَ مُطَّلِعًا عَلى الأحَادِيْثِ وَالآثَارِ فِي هَذَا البَابِ، فَلَمْ يَكُنْ خَبِيْرًا بِحِلِّ شُبْهَةِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَبَيَانِ فَسَادِهَا، وَكَانَ مُعَظِّمًا لأبِي الوَفَاءِ بنِ عَقِيْلٍ، يُتَابِعُهُ فِي أَكْثَرِ مَا يَجِدُ في كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ المَسَائِلِ، وَكَانَ ابنُ عَقِيْلٍ بَارِعًا فِي الكَلَامٍ، وَلَمْ يَكُنْ تَامَّ الخِبْرَةِ بِالحَدِيْثِ وَالآثَارِ، فَلِهَذَا يَضْطَرِبُ فِي هَذَا البَابِ، وَتتَلوَّنُ فِيْهِ آرَاؤُهُ، وَأَبُو الفَرَجِ تَابِعٌ لَهُ فِي هَذَا التَلَوُّنِ.
قَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ: كَانَ ابْنُ الجَوْزِيِّ إِمَامُ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي الوَعْظِ وَصَنَّفَ فِي فُنُونِ العِلْمِ تَصَانِيْفَ حَسَنَةً، وَكَانَ صَاحِبَ قَبُوْلٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute