للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَرَحًا زَائِدًا، وَنُوْدِيَ لَهُ بِالجُلُوْسِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَصَلَّى النَّاسُ الجُمُعَةَ، وَعَبَرُوا يَأْخُذُوْنَ مَكَانَاتِ مَوْضِعِ المَجْلِسِ عِنْدَ "تُرْبَةِ أُمِّ الخَلِيْفَةِ"، فَوَقَعَ تِلكَ اللَّيْلَةَ مَطَرٌ كَثيْرٌ مَلأَ الطُرُقَاتِ، فَأُحْضِرَ فِي اللَّيْلِ فَرَّاشُونَ وَرَوْزَجَارِيَّةٌ، فَنَظَّفُو مَوْضِعَ الجُلُوْسِ وَفَرَشُوا فِيْهِ دِقَاقَ الحَصْبَى (١) وَالبَوَارِيَ، وَمَضَى النَّاسُ وَقْتَ المَطَرِ إِلَى قَبْرِ مَعْرُوْفِ تَحْتَ السَّابَاطِ، حَتَّى سَكَنَ المَطَرُ، ثُمَّ جَلَسَ الشَّيْخُ بُكْرَةَ السَّبْتِ وَعَبَرَ الخَلْقُ، وَحَضَرَ أَرْبَابُ المَدَارِسِ وَالصُّوْفِيَّةِ وَمَشَايِخِ الرّبُطِ، وَامْتَلأَتِ البَرِّيَّةِ حَتَى مَا كَانَ يَصِلُ صَوْتُ الشَّيْخِ إِلَى آخِرِهِمْ.

وَكَانَ السَّبَبُ فِي الإفْرَاجِ عَنِ الشَّيْخِ، أَنَّ وَلَدَهُ مُحْيِي الدِّينِ يُوْسُفَ تَرَعْرَعَ وَأَنْجَبَ (٢)، وَقَرَأَ الوَعْظَ وَوَعَظَ، وَتَوَصَّلَ، وَسَاعَدَتْهُ أُمُّ الخَلِيْفَةِ، وَكَانَتْ تتَعَصَّبُ لِلْشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ، فَشَفَعَتْ فِيْهِ عنْدَ ابْنَهَا النَّاصِرُ، حَتَّى أَمَرَ بِإِعَادَةِ الشَّيْخِ، فَعَادَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ عِنْدَ "تُرْبَةِ أُمِّ الخَلِيْفَةِ" لِلَوَعْظِ، وَأَنْشَدَ: (٣)

شَقِيْنَا بِالنَّوَى زَمَنًا فَلَمَّا … تَلَاقَيْنَا كَأَنَّا مَا شَقِيْنَا

سَخِطْنَا عِنْدَمَا جَنَتِ اللَّيَالِي … فَمَازَالَتْ بِنَا حَتَّى رَضِيْنَا

سَعِدْنَا بِالوِصَالِ وَكَمْ شَقِيْنَا … بِكَاسَاتِ الصُّدُوْدِ وَكَمْ فَنِيْنَا

فَمَنْ لَمْ يَحْيَ بَعْدَ المَوْتِ يَوْمًا … فَإِنَّا بَعْدَ مَا مِتْنَا حَيِيْنَا


(١) في (ط): "الجُصّ" تَحْرِيْفٌ ظَاهِرٌ.
(٢) لعلها: "وَنَجَبَ". أَيْ: أَصْبَحَ نَجِيْبًا.
(٣) الأبياتُ في المنهج الأحمد (٤/ ٣٦).