للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَامُوا، فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللهَ، وَيُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِذِكْرِهِ وَيُشِيْرُ بِعَيْنَيْهِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَقَال لَهُ: مَا تَعْرِفُنِي يَا سَيِّدِي؟ فَقَالَ: بَلَى، فَقُمْتُ لأُنَاوِلَهُ كِتَابًا مِنْ جَانِبِ المَسْجِدِ، فَرَجَعْتُ وَقَدْ خَرَجَتْ رُوْحُهُ، وَذلِكَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيع الأوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتِّمَائَةَ، وَبَقِيَ لَيْلَةً الثَّلَاثَاء فِي المَسْجِدِ، وَاجْتَمَعَ الغَد خُلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الأئِمَّةَ وَالأُمَرَاءِ مَا لَا يُحْصِيْهِمْ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ بِـ"القَرَافَةِ" مُقَابِلَ قَبْرِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو ابْنِ مَرْزُوْقٍ (١) فِي مَكَانٍ ذَكَرَ لِي خَادِمُهُ عَبْدُ المُنْعِمِ أَنَّهُ كَانَ يَزُوْرُ ذلِكَ المَكَانَ، وَيَبْكِي فِيْه إِلَى أَنْ يَبُلَّ الحَصَى، وَيَقُوْلُ: قَلْبِي يَرْتَاحُ إِلَى هَذَا المَكَانِ رَحِمَهُ اللهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، وَأَلْحَقَهُ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -.

قُلْتُ: وَوَقَعَ لابْنِ الحَنْبَلِيِّ فِي وَفَاتِهِ وَهْمٌ، فَقَالَ: سَنَةَ خَمسٍ وِتِسْعِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ الإمَامُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ المَقْدِسِي (٢) الأدِيْبُ بِقَصِيدَةٍ طَوِيْلَةٍ، أَوَّلُهَا (٣):


(١) حَنبَلِيٌّ (ت: ٥٦٤ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(٢) حَنبَلِيٌّ (ت: ٥٦٠ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(٣) الأبْيَاتُ فِي "المَنْهَجِ الأحْمَدِ" عَنِ المُؤَلِّفِ، وَأَنْشَدَ الحَافِظُ الذهَبِيُّ في "تَارِيْخِهِ" قَالَ: أَنْشَدَنَا ابنُ خَوْلان، أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ الْحَافِظُ سَنَةَ سِتٍّ وَعَشْرِيْنَ وَسِتِّمائةَ، أَنَشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ لِنَفْسِهِ يَرْثِي الحَافِظَ.
هَذَا الَّذِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ أَحْتَسِبُ … فَلْيَقْضِ دَمْعُكَ عَنِّي بَعْضَ مَا يَجِبُ
لَمْ يُبْقِ فِى الأسَى وَالسُّقْمُ جَارِحَةٌ … نَفْسٌ تَذُوْبُ وَقَلْبٌ بَعْدَ ذَا يَجِبُ =