للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، كَذَا قَالَ، وَابْنُ النَّجَّارِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ هَذِهِ العُلُوْمِ فَمَا بَالُهُ يَتَكَلَّمُ فِيْهَا؟

وَقَدْ وَقَعَ لَنَا الكَثِيْرُ مِنْ حَدِيْثِهِ عَالِيًا. فَمِنْ ذلِكَ: مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بـ "فُسْطَاطِ مِصْرَ" (أَثَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الحَرَّانِيُّ (أَنَا) أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ


= وَقَدْ طَالَعْتُهُ مِرَارًا، وَلَمْ أَسْتَفِدْ منه؛ لِضَعْفِ تَأْلِيْفِهِ، وَقِلَّةِ فَائِدَتِهِ، فَكَلَامُ ابنِ النَّجَّارِ لَيْسَ بَعِيْدًا عَنِ الصِّحَّةِ إذًا، ومُقَارَنَتُهُ بـ "شَرْحِ اللُّمَعِ" لابنِ برهَان عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَليِّ الأسَدِيَّ العُكْبَرِيِّ (ت: ٤٥٦ هـ) وَهُوَ مُعَاصِرُهُ، وبَغْدَادِيٌّ مِثْلُهُ، وَيَغْلبُ عَلَى الظَنِّ أنَّ مَصادِرَهُمَا تَكَادُ تَكُوْنُ وَاحِدَةً؛ لاتِّفَاقِ عَصْرَيْهِمَا ومِصْرَيْهِمَا، ولَدَى المُقَارَنَةِ بِهِ يَتَبَيَّنُ لكَ صِحَّةُ ذلِك. وَكَلامِيْ هَذَا لَيْس قَادِحًا في عِلْمِ ابنِ البَنَّاءِ، فَلَا شَكَّ في عِلْمِهِ وَفَضْلِهِ، لكِنْ لا يَجُوْزُ رَدَّ الانْتِقَادِ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ، وَدَلِيْلٍ ظَاهرٍ، وَالعُلَمَاءُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يُجِيْدُ التَّعْلِيْمَ وَالتَّصْنِيْفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُجِيْدُ التَّعْلِيْمَ، وَلا يُجِيْدُ التَّصْنِيْفَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُجِيْدُ التَّصْنِيْفَ وَلا يُجِيْدُ التَّعْلِيْمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُجِيْدُ تَعْلِيْمًا وَلَا تَصْنِيْفًا، وَلَو كَانَ بَحْرًا فِي العِلْمِ. وَلا شَكَّ أن قَوْلَ الحَافِظِ ابنِ النَّجَّارِ: " .. تَدُلُّ عَلَى قِلَّة فَهْمِهِ .. " وَقَوْلُهُ: "وَكَانَ قَلِيْلَ التَّحْصيْلِ .. " كَلَامٌ غَيْرُ مَقْبُوْلٍ بِحَالٍ، وَالإِنْصَافُ مَطْلُوْبٌ.
وَكِتَابه "المُقْنِعُ شَرْحُ مُخْتَصَر الخِرَقِيِّ" لا يُمْكِنُ بِحَالٍ أَيْضًا مُقَارَنَتُهُ بِـ "المُغْنِي" شَرْحِ مُخْتَصَرِ الخِرَقِيِّ للإمَامِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ ابنِ قُدَامَةَ؟! أَيْنَ الثَرَى مِنَ الثُّرَيَّا، بَلْ لا يُمْكِنُ مُقَارَنَتُهُ بِمُؤَلَّفاتِ مُعَاصِرَيْهِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى الفَرَّاءِ، وأَبي الخَطَّابِ مَحْفُوْظِ بنِ أَحْمَدَ، وَالأَوَّلُ قَبْلَهُ، وَالثَّانِي بَعْدَهُ زَمَنًا. فَالانْتِقَادُ لَهُ وَارِدٌ، وَالدِّفَاعُ عَنْهُ ضَعِيْفٌ، لكِنِّي أَعُوْدُ فَأَقُوْلُ: هَذَا اجْتِهَادُهُ، وَجَزَاهُ اللهُ عَن العِلْمِ وأَهْلِهِ خَيْرَ الجَزَاءِ، وَرَحِمَهُ الله رَحْمَةً وَاسِعَةً.