للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي الجَوامِعِ وَالمَجَالِسِ العَامَّةِ، وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ خَلْقٌ.

ثُمَّ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ المَذْكُوْرَةِ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ وكَثِيْرَةٌ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ، وَشَكَوا مِنَ الشَّيْخِ إِلَى الحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ (١)، وَعُقِدَ لَهُ مَجْلِسٌ لِكَلَامِهِ فِي ابنِ عَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَادَّعَى عَلَيْهِ ابنُ عَطَاءٍ (٢) بِأَشْيَاء، وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا شَيْئًا، لكِنَّهُ اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُسْتَغَاثُ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، اسْتِغَاثَةً بِمَعْنَى العِبَادَةِ، وَلكِنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ، فَبَعْضُ الحَاضِرِيْنَ قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ. وَرَأَى الحَاكِمُ ابنُ جَمَاعَةَ: أَنَّ هَذَا إِسَاءَةُ أَدَبٍ، وَعَنَّفَهُ عَلَى ذلِكَ، فَحَضَرَتْ رِسَالَةٌ إِلَى القَاضِي أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ مَا تَقْتَضِيْهِ الشَّرِيْعَةُ فِي ذلِكَ، فَقَالَ القَاضِي: قَدْ قُلْتُ لَهُ مَا يُقَالُ لِمِثْلِهِ. ثُمَّ إِنَّ الدَّوْلَةَ خَيَّرُوْهُ بَيْنَ أَشْيَاء، وَهِيَ الإقامَةُ بِـ "دِمَشْقَ"، أَوْ بِـ "الإِسْكَنْدَرِيَّةِ" بِشُرُوْطٍ، أَوِ الحَبْسُ، فَاخْتَارَ الحَبْسَ، فَدَخَلَ علَيْهِ أَصْحَابُهُ فِي السَّفَرِ إِلَى "دِمَشْقَ" مُلْتَزِمًا مَا شُرِطَ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُمْ، فَأَرْكَبُوْهُ خَيْلَ البَرِيْدِ، ثُمَّ رَدُّوْهُ فِي الغَدِ، وَحَضَرَ عِنْدَ القَاضِي بِحُضُوْرِ جَمَاعَةٍ مِنَ الفُقَهَاءِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: مَا تَرْضى الدَّوْلَةُ إِلَّا بِالحَبْسِ، فَقَالَ القَاضي: وَفِيْهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ، وَاسْتَنَابَ التُّوْنِسِيُّ المَالِكِيُّ وَأُذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالحَبْسِ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَأُذِنَ لِنُوْرِ الدِّيْنِ الزَّوَاوِيِّ المَالِكِيِّ، فَتَحَيَّرَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: أَنَا


(١) مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَمَاعَةَ (ت: ٧٣٣ هـ).
(٢) فِي المُقْتَفَى لِلْبِرْزَالِيِّ (٢/ وَرَقَة ١٢٦): "وَفِي شَهْرِ شَوَّالٍ شَكَى شَيْخُ الصُّوْفيَّةِ بِـ "القَاهِرَةِ" كَرِيْمُ الدِّيْنِ الآمُلِيُّ وابْنُ عَطَا وَجَمَاعَةٌ نَحْوَ الخَمْسِمَائَةِ مِنَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّيْنِ بْنِ تَيْمِيَّةَ وَكَلَامِهِ فِي ابْنِ عَرَبِي وَغَيْرِهِ. . .".