للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِحُضُوْرِهِمْ ثَنَاءً كَثِيْرًا، وَأَصْلَحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ شَاوَرَهُ فِي أَمْرٍ هَمَّ بِهِ فِي حَقِّ القُضَاةِ، فَصَرَفَهُ عَنْ ذلِكَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ ابنَ مَخْلُوْفٍ كَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْنَا أَفْتَى مِنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، سَعَيْنَا فِي دَمِهِ، فَلَمَّا قَدَرَ عَلَيْنَا عَفَا عَنَّا. وَاجْتَمَعَ بِالسُّلْطَانِ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ أَشْهُرٍ، وَسَكَنَ الشَّيْخُ بِـ "القَاهِرَةِ"، وَالنَّاسُ يَتَرَدَّدُوْنَ إِلَيْهِ، وَالأُمَرَاءُ وَالجُنْدُ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ وَيَتَنَصَّلُ مِمَّا وَقَعَ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَفِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَصَلَ النَّبَأُ أَنَّ الفَقِيْهَ البَكْرِيَّ - أَحَدَ المُبْغِضِيْنَ للشَّيْخِ - اسْتَفْرَدَ بالشَّيْخِ بِـ "مِصْرَ" وَوَثَبَ عَلَيْهِ، وَنَتَشَ بِأَطْوَاقِهِ، وَقَالَ: احْضُرْ مَعِي إِلَى الشَّرْعِ، فَلِيَ عَلَيْكَ دَعْوًى، فَلَمَّا تَكَاثَرَ النَّاسُ انْمَلَصَ، فَطُلِبَ مِنْ جِهَةِ الدَّوْلَةِ، فَهَرَبَ وَاخْتَفَى. وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ ثَارَ بِسَبَبِ ذلِكَ فِتْنَةٌ، وَأَرَادَ جَمَاعَةٌ الانْتِصَارَ مِنَ البَكْرِيِّ فَلَمْ يُمَكِّنْهُمُ الشَّيْخُ مِنْ ذلِكَ. وَاتَّفَقَ بَعْدَ مُدَّةٍ أَنَّ البَكْرِيَّ هَمَّ السَّلْطَانُ بِقَتْلِهِ، ثُمَّ رَسَمَ بِقَطْعِ لِسَانِهِ؛ لِكَثْرَةِ فُضُوْلِهِ وَجَرَاءَتِهِ، ثُمَّ شَفَعَ فِيْهِ، فَنُفِيَ إِلَى الصَّعِيْدِ، وَمُنِعَ مِنَ الفَتْوَى بِالكَلَامِ فِي العِلْمِ. وَكَانَ الشَّيْخُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ يُقْرِئُ العِلْمِ، وَيَجْلِسُ لِلنَّاسِ فِي مَجَالِسَ عَامَّةٍ. قَدِمَ إِلَى "الشَّامِ" هُوَ وَإِخْوَتُهُ (١) سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ بِنِيَّةِ الجِهَادِ، لَمَّا قَدِمَ السَّلْطَانُ لِكَشْفِ التَّتَرِ عَنِ "الشَّامِ". فَخَرَجَ مَعَ الجَيْشِ،


(١) يُلَاحِظُ فِي أَوَّلِ النَّصِّ "إِخْوَتُهُ" وَفِي آخِرِ النَّصِّ: "أَخَوَاهُ" وَإِخْوَتُهُ الأَشِقَّاءُ - فِيْمَا يَظْهَرُ - عَبْدُ الله، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وعَبْدُ القَادِرِ. لَكِنَّ الَّذِيْنَ تَرَدَّدَ ذِكْرُهُمَا فِي أَخْبَارِهِ هُمَا عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَلَعَلَّهُ يَقْصُدُ بِالعِبَارَةِ الأُوْلَى أَخَوَاهُ وَأَتْبَاعَهُ.