للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَذلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُوْدَ بنَ سَبَكْتَكِيْن (١) لَمَّا دَخَلَ "الرِّيَّ" قَتَلَ بِهَا البَاطِنِيَّةَ، وَمَنَعَ سَائِرَ الفِرَقِ الكَلَامَ عَلَى المَنَابِرِ غَيْرَ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَانَ مَنْ دَخَلَ "الرَّيَّ" مِنْ سَائِرِ الفِرَقِ يَعْرِضُ اعْتِقَادِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَضيَهُ أَذِنَ لَهُ فِي الكَلَامِ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَّا مَنَعَهُ، فَلَمَّا قَرُبْتُ مِنَ "الرَّيِّ" كَانَ مَعِيَ فِي الطَّرِيْقِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِهَا فَسَأَلَنِي عَنْ مَذْهَبِي؟ فَقُلْتُ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ، فَقَالَ: مَذْهَبٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ، وَهَذِه بِدْعَةٌ، وَأَخَذَ بِثَوْبِي، وَقَالَ: لَا أَفُارِقُكَ حَتَّى أَذْهَبُ بِكَ إِلَى الشَّيْخِ أَبِي حَاتِمٍ، فَقُلْتُ: خَيْرَةٌ - فَإِنِّي كُنْتُ أَتْعَبُ إِلَى أَنْ أَلْتَقِيَ بِهِ - فَذَهَبَ بِي إِلَى دَارِهِ - وَكَانَ ذلِكَ اليَوْمِ مَجْلِسٌ عَظِيْمٌ - فَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، هَذَا الرَّجلُ الغَرِيْبُ سَأَلْتُهُ عَنْ مَذْهَبِهِ، فَذكَرَ مَذْهَبًا لَمْ أَسْمَعْ بِهِ قَطُّ، قَالَ: مَا قَالَ؟ قَالَ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ، فَقَالَ: دَعْهُ، فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكْنُ حَنْبَلِيًّا فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ، فَقُلْتُ: الرَّجُلُ كَمَا وُصِفَ لِي، وَلَزِمْتُهُ أَيَّامًا وَانْصَرَفْتُ، وَإِنَّمَا عَنَى أَبُو حَاتِمٍ فِي الأُصُوْلِ.

وَذَكَرَ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الصَّايغُ (٢)، سَمِعْتُ عَبْدَ الجَبَّارِ بنَ أَبِي الفَضْلِ الصَّيْرَفِيَّ، سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيِّ


(١) مَحْمُوْدُ بنُ سبكتكين الغَزْنَوِيُّ، أَبُو القَاسِمِ التُّرْكِيُّ المُلَقَّبُ بِـ "يَمِيْنِ الدَّوْلَةِ" (ت: ٤٢١ هـ) سَبَقَ ذِكْرُهُ.
(٢) هُوَ الإمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، الحَافِظُ، المُسنِدُ، أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الوَاحِدِ الصَّائِغُ (ت: ٥٨١ هـ). أَخْبَارُهُ في: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبلاءِ (٢١/ ١٢٩)، وَالعِبَرِ (٤/ ٢٤٦)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (٤/ ٢٧٣). مِنْ شُيُوْخِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ كَمَا فِي التَّحبِيْرِ في المُعْجَمِ الكَبِيْرِ (٢/ ١٦٥)، وَالمُنْتَخَبِ من شُيُوْخِ أَبِي سَعْدٍ (٣/ ١٥٠٧).