للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شُجَاعًا عَاقِلًا، حَازِمًا، فَاضِلًا، وَسَمَّيْتُهُ قَوَامَ الدِّيْنِ، نِظَامَ (١) المُلْكِ، وَهَا هُوَ قَائِمٌ فِي جُمْلَةِ الوُلَاةِ، وَبَسَطْتُ بِيَدِهِ فِي الشُّرَطِ وَالسَّيْفِ وَالقَلَمِ، وَمَكَّنْتُهُ فِي الدِّيْنَارِ وَالدِّرْهَمِ، فَاسْأَلْهُ يَا رَبِّ: مَاذَا صَنَعَ فِي عِبَادِكَ وَبِلَادِكَ؟ أَفَتُحْسِنُ أَنْ تَقُولَ فِي الجَوَابِ نَعَمْ، تَقَلَّدْتُ أُمُوْرَ البِلَادِ، وَمَلَكْتُ أَزِمَّةَ العِبَادِ، وَبَثَثْتُ النَّوَالَ، وَأَعْطَيْتُ الإِفْضَالَ، حَتَّى إِذَا قَرُبْتُ مِنْ لِقَائِكَ، وَدَنَوْتُ مِنْ تِلْقَائِكَ، اتَّخَذْتُ الأَبْوَابَ وَالبَوَّابَ، وَالحِجَابَ وَالحُجَّابَ؛ لِيَصُدُّوا عَنِّيَ القَاصِدَ، وَيَرُدُّوا عَنِّي الوَافِدَ! فَاعْمُرْ قَبْرِكَ كَمَا عَمَرْتَ قَصْرَكَ، وَانْتَهِزِ الفُرْصَةَ مَا دَامَ الدَّهْرُ يَقْبَلُ أَمْرَكَ، فَلَا تَعْتَذِرْ، فَمَا ثَمَّ مَنْ يَقْبَلُ عُذْرَكَ. وَهَذَا مَلِكُ الهِنْدِ - وَهُوَ عَابِدُ صَنَمٍ - ذَهَبَ سَمْعُهُ (٢)، فَقَالَ: مَا حَسْرَتِي لِذَهَابِ الجَارِحَةِ مِنْ بَدَنِي، وَلكِنْ تَأَسُّفِي لِصَوْتِ المَظْلُومِ لا أَسْمَعَهُ فَأُغِيْثَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ سَمْعِي فَمَا ذَهَبَ بَصَرِي فَلْيُؤْمَرْ كُلُّ ذِيْ ظَلَامَةٍ أَنْ يَلْبَسَ الأَحْمَرَ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُهُ فَأَنْصَفْتُهُ. وَهَذَا أَنُوشِرْوَانَ قَالَ لَهُ رَسُوْلُ مَلِكِ الرُّوْمِ: لَقَدْ أَقْدَرْتَ عَدُوَّكَ عَلَيْكَ بِتَسْهِيْلِ الوُصُوْلِ إِلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَجْلِسُ هَذَا المَجْلِسَ لأَكْشِفَ ظُلَامَةً وَأَقْضِيَ


(١) في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "ونظام .. ".
(٢) بعدها في (ط) بطبعَتَيْهِ: "فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَهلُ مَمْلَكَتِهِ يُعَزُّوْنَهُ بِسَمْعِهِ" وَلَا تُوْجَدُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ في جَمِيع النُّسَخِ، زَادَهَا المُحقِّقَان الدُّكتور هنري لاووست والدُّكتور سامي الدَّهَّان عَن "المُنْتَظَمِ" وَزَادَهَا الشَّيخُ حَامِدٌ الفَقِي دُونَ إِشَارَةٍ، وَوُجُوْدِهَا غَيْرُ ضَرُورِيٌّ وَهِيَ مِمَا يَجُوْزُ حَذْفُهُ لِلْعِلْمِ بِهِ، اخْتَصَرَ المُؤلِّفُ عِبَارَة "المُنْتَظم" أَوْ هُو سَهْوٌ مِنْهُ، أَوْ لِعَدَمِ وُجُودِ هَذِهِ العِبَارَةِ في نُسْخَتِهِ مِن "المُنْتَظَمِ" كَمَا قُلْنَا فِي سَابِقِهَا.