قَالَ: "وَجَعَلْتُ تَرْتِيْبَهُ عَلَى الطَّبَقَاتِ. . ." وَإِنَّمَا رَتَّبَهُ عَلَى الوَفَيَاتِ - وَهُوَ مَعْنًى وَاسِعٌ للطَّبَقاتِ - وَلَمْ يَخْرِقْ هَذَا التَّرْتِيْبَ إِلَّا يَسِيْرًا، يُرَاجَعُ التَّرْجَمَةُ رَقَم (٣٩)، وَالتَّرْجَمَةُ رَقَم ()، وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي سُوْقِ التَّرَاجِمِ مَنْهَجًا مُعَيَّنًا، وَلَمْ يَشْرَحْ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ طَرِيْقَتَهُ فِي جَمْعِ المَعْلُوْمَاتِ، ولَا أَهَمَّ المَصَادِرِ الَّتِي رَجَعَ إِلَيْهَا، وَلَا طَرِيْقَتِهِ فِي تَوْثِيْقِ النُّصُوْصِ … إِلَى غَيْرِ ذلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِه كُلُّ مَنْ رَجَعَ إِلَى كِتَابِهِ مِنَ العُلَمَاءِ، وَهَذِهِ الطَّرِيْقَةُ الَّتِي سَلَكَهَا مُخَالِفةٌ لِمَنْهَجِ كَثِيْرٍ مِنَ الكِتَابِ وَالمُؤَلِّفِيْنَ مِنَ المُؤَرِّخِيْنَ خَاصَّةً. وَجَاءَت مُقَدِّمَتُهُ مُقْتَضَبَةً لَا تَزِيْدُ عَمَّا نَقَلْتُهُ عنْهُ هُنَا آنِفًا، وَهِيَ بِضْعَةُ أَسْطُرٍ. وَحَسَنًا فَعَلَ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ لَمَّا أَعَادَ الطَّبَقَةَ السَّادِسَةَ مِنْ كِتَابِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ؛ نَظَرًا لِضَعْفِ هَذِهِ التَّرَاجِمِ، وَإِمْكَانِ الاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهَا مِمَّنْ لَمْ يَذْكُرْهُمْ القَاضِي أَصْلًا، مَعَ شُهْرَتِهِمْ وَتَمَيُّزِهِمْ كَمَا أَسلَفْتُ، لكِنَّ الحَافِظَ ابنَ رَجَبٍ وَقَعَ فِيْمَا وَقَعَ فِيْهِ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ، فَضَعُفَتْ تَرَاجِمُهُ الأَخِيْرَةُ جِدًّا حَتَّى تَرْجَمَةِ شَيْخِهِ ابنِ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -، وَأَهْمَلَ كَثِيْرًا مِنْ تَرَاجِمِ المُتَأَخِّرِيْنَ، وَأَغْلَبُهُم مِنْ شُيُوْخِهِ، أَوْ هُمْ فِي دَرَجَةِ شُيُوْخِهِ، وَهُوَ لَا يَجْهَلُ أَكْثَرُهُم، فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَهُم فِي ثَنَايَا التَّرَاجِمِ، أَوْ حَدَّثَ عَنْهُم فِي أَسَانِيْدِهِ؟! وَهَذَا غَرِيْبٌ جِدًّا، وَالَّذِيْنَ أَهْمَلَهُمْ الحَافِظُ - فِي آخِرِ كِتَابِهِ خَاصَّةً - أَكْثَرُ بِكَثِيْرٍ مِمَّن أَهْمَلَهُمُ القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ فِي كِتَابِهِ كُلِّهِ؟! فَكِتَابُ القَاضِي أَكْثَرُ اسْتِيْعَابًا، وَكِتَابُ الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ أَجْوَدُ تَرْجَمَةً، وَأَكْثَرُ مَعْلُوْمَاتٍ.
وَكَانَتْ مُهِمَّةُ الحَافِظُ ابنُ رَجَبٍ صَعْبَةً جِدًّا؛ لأنَّهُ يُغَطِّي فَتْرَةً غَنِيَّةً جِدًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute