للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُلُوْكُ الأَطْرَافِ وَوُزَرَاؤُهَا وَعُلَمَاؤُهَا، وَاسْتَنْسَخُوا لَهُمْ بِهِ نُسَخًا، وَنَقَلُوْهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ الشَّهِيْدِ (١)، وَاشْتَغَلَ بِهِ الفُقَهَاءُ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ، يُدَرِّسُوْنَ مِنْهُ فِي المَدَارِسِ وَالمَسَاجِدِ، وَيُعِيْدُهُ المُعِيْدُونَ، وَيَحْفَظُ مِنْهُ الفُقَهَاءُ. وَصَنَّفَ فِي النَّحْوِ كِتَابًا سَمَّاهُ "المُقْتَصِدَ" (٢)


= تَارِيْخِ الخُلَفَاءِ (٢٢٦)، وَالفَخْرِيُّ (٣١٦)، وَسِيَرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (٢٠/ ٤١٢).
(١) هُوَ مَحْمُوْدُ بنُ زِنْكِيْ، أَبُو القَاسِمِ يُلَقَّبُ بِـ "المَلِكِ العَادِلِ" مَوْلِدُهُ فِي "حَلَبَ" وَصَارَ أَمِيْرَهَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ سَنَةَ (٥٤١ هـ) وَامْتَدَّ نُفُوْذُهُ عَلَى قِطَاعَاتِ كَبِيْرَةٍ مِنْ بِلَادِ "الشَّامِ" وَ"الجَزِيرَةِ" وَ"مِصْرَ" وَبَعْضِ بِلَادِ "العِرَاقِ" وَبَعْضِ بِلَادِ "المَغْرِبِ" وَ"الحِجَازِ" وَ"اليَمَنِ"، كَانَ مُتَوَاضِعًا، مُحِبًّا للعِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، عَادِلًا، فَاضِلًا، شُجَاعًا، بَنَى المَدَارِسَ وَالمَسَاجِدَ وَالرُّبُط، يَقُوْدُ المَعَارِكَ ضِدَّ الصَّلِيْبِيِّينَ بِنَفْسِهِ، وَحَصَّنَ البِلَادَ، وَأَيْقَظَ فِي الجُنْدِ رُوْحَ المُقَاوَمَةِ، وَهُوَ الَّذِي مَهَّدَ الطَّرِيْقَ لِصَلَاحِ الدِّينِ لِفَتْحِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَطَرْدِ الصَّلِيبِيِّينَ مِنْ بِلَادِ الإِسْلَامِ، فَمَا أَحْوَجَ عَصْرِنَا إِلَى أَمْثَالِه - رَحِمَهُ اللهُ - مَاتَ شَهِيْدًا سَنَةَ (٥٦٩ هـ) فَعُرِفَ بِنُوْرِ الدِّيْنِ الشَّهِيْدِ، وَأَلَّفَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ قَاضِي شُهْبَةَ فِي سِيْرَتِهِ كِتَابَ "الدُّرِّ الثَّمِيْنِ"، وَأَلَّفَ أَبُو شَامَةَ المَقْدِسِيُّ "الرَّوْضَتَيْنِ .. " فِي سِيْرَتهِ وَسِيرَةِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الكُتُبِ المُؤلَّفَةِ فِي سِيْرَتِهِ - رَحِمَهُ اللهُ -. يُرَاجَعُ: تَارِيخُ ابنِ الوَرْدِيِّ (٢/ ٨٣)، وَمِرْآةُ الزَّمَانِ (٨/ ٣٠٥) وَالدَّارِسُ (١/ ٩٩، ٢٣١، ٣٦١، ٤٤٧، ٦٠٧، ٦١٥)، وَالنُّجُوْمُ الزَّاهِرَةُ (٦/ ٧١) وَغَيْرُهَا.
(٢) جَاءَ فِي "وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ": "بِكَسْرِ الصَّادِ المُهْمَلَةِ" وَتُعْرَفُ بِـ "مُقَدِّمَةِ ابنِ هُبَيْرَةَ" وَذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ نَفْسُهُ فِي كِتَابِهِ الإِفْصاحِ (١٣٧١) قَالَ: "عُرِضَ عَلَيَّ مُخْتَصَرٌ كُنْتُ قَدْ صَنَعْتُهُ فِي النَّحْوِ، وَكُنْتُ قَدْ كَرَّرْتُ نِسَاخَتَهُ بِخَطِّي مِرَارًا كَثِيْرةً. . ." أَقُوْلُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ لَطِيْفٌ، لكِنَّهُ لَم يُرْزَقْ الشُّهْرَةَ بَيْنَ العُلَمَاءِ، وَلَمْ تَذُعْ سُمْعَتُهُ كَمَا ذَاعَتْ وَانْتَشَرَتْ شُهْرَةُ "الجُمَلِ" للزَّجَّاجِيِّ، أَوِ "الإيْضَاحِ" لأَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيِّ أَوِ "المُفَضَّلِ" =