للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَعَادَ لَهُ الدَّرْسَ، وصَرَفَ هِمَّتَهُ طُوْلَ عُمُرِهِ إِلَى الفِقْهِ، أُصُوْلًا وَفُرُوْعًا، مَذْهَبًا وَخِلَافًا، وَاشْتِغَالًا وإِشْغَالًا، وَمُنَاظَرَةَ، وَتَصَدَّرَ لِلتَّدْرِيسِ وَالاِشْتِغَالِ وَالإِفَادَةِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَقَصَدَهُ الطَّلَبَةُ مِنَ البِلَادِ، وَشُدَّتْ إِلَيْهِ الرِّحَالُ فِي طَلَبِ الفِقْهِ، وَتَخَرَّجَ بِه أَئِمَّةٌ كَثِيْرُوْنَ.

قَرَأْتُ بِخَطِّ الإِمَامِ نَاصِحِ الدِّيْنِ بنِ الحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُهُ بْنَ المَنِّيِّ، فَقَالَ: رَحَلْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُ مَسْجِدَهُ بِالفُقَهَاءِ وَالقُرَّاءِ مَعْمُوْرًا، وَكُلُّ فَقِيْهِ عنْدَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَإِفْضَالِهِ مَغْمُوْرًا، فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي بِرَبْعِهِ، وَحَطَطْتُ زَامِلَةَ بُغْيَتِي عَلى شَرْعِهِ، فَوَجَدْتُ الفَضْلَ الغَزِيْرَ، وَالدِّيْنَ القَوِيْمَ المُنِيْرَ، وَالفَخْرَ المُسْتَطِيْلَ المُسْتَطِيرَ، وَالعَالِمَ الخَبِيْرَ، فتَلَقَّانِيْ بِصَدْرٍ بِالأَنْوَارِ قَدْ شُرِحْ، وَمَنْطِقٍ بِالأَذْكَارِ قَدْ ذُكِرَ وَمُدِحْ، وَبِبَابٍ إِلَى كُلِّ بَابٍ مِنَ الخَيْراتِ قَدْ شُرِعَ وَفُتِحْ، فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، حَفِظَ القُرْآنَ العَظِيْمَ وَهُوَ فِي حَدَاثَةٍ مِنْ سِنِّهِ، وَلَاحَتْ عَلَيْهِ أَعْلامُ المَشْيَخَةِ، فَرَجَحَ مَنُهْ، عَلَى كُلِّ فَنٍّ بِفَضْلِ اللهِ وَمَنِّهِ.

قَالَ لِيَ المُهَذَّبُ بْنُ قَيْدَاسٍ (١): كُنَّا نُسَمِّي شَيْخَكَ شَيْخُ صِبَى - يَعْنِي فِي صِبَاهُ - لِعَقْلِهِ وَوَقَارِهِ، وَتَرْكِهِ اللَّعِبَ. ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَنْقُلْ عنْهُ أَنَّهُ لَعِبَ وَلَا لَهَا، وَلَا طَرَقَ بَابِ طَرْبِ، وَلَا مَشَى إِلَى لَذَّةٍ وَمُشْتَهَى.

حَدَّثَنِي شَيْخُنَا الإِمَامُ نَاصِحُ الإِسْلَامِ بنُ المَنِّيِّ قَالَ: حَصَلَ لِيْ مِنْ مِيْرَاثِ وَالِدِيْ عِشْرُوْنَ دِيْنَارًا، فَاشْتَرَيْتُ بِهَا شَيْئًا وَبِعْتُهُ فَأَرْبَحْتُ، فَخِفْتُ أَنْ


(١) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ بعْدُ.