للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفِقْهِ مِنْ جِهَةِ الشُيُوْخِ وَالكُتُبِ إِلَى الشَّيْخَيْنِ: مُوَفَّقِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ، وَمَجْدِ الدِّيْنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيِّ.

فَأَمَّا الشَّيْخُ مُوَفَّق الدِّيْنِ: فَهُوَ تِلْمِيذُ ابْنِ المَنِّيِّ، وَعَنْهُ أَخَذَ الفِقْهَ.

وَأَمَّا ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَهُوَ تِلْمِيذُ تِلْمِيْذِهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَلَّاوِيِّ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُ فُضَلَاءِ أَصْحَابِهِ لَهُ "سِيْرَةٌ" طَوِيْلَةٌ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيْسَى البُزُوْرِيُّ الوَاعِظُ (١) وَقَفْتُ عَلَى بَعْضِهَا مِمَّا ذَكَرَهُ فِيْهَا. قَالَ: وَكَانَ رَحِمَهُ اللهُ كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ لِلْقُرْآنِ لَا سِيَّمَا فِي اللَّيْلِ، مُكْرِمًا للصَّالِحِيْنَ، مُحِبًّا لَهُمْ، لَيْسَ فِيْهِ تِيْهُ الفُقَهَاءِ، وَلَا عُجْبُ العُلَمَاءِ. إِنْ مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ تَلَامِذَتِهِ، وَمَعَارِفِهِ عَادَهُ، أَوْ كَانَتْ لَهُمْ جَنَازَةٌ شَيَّعَهَا مَاشِيًا غَيْرَ رَاكِبٍ، عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، وَضَعْفِ البِنْيَةِ، زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا، يَقْنَعُ مِنْهَا بِالبُلغَةِ، وَإِذَا جَاءَهُ فُتُوْحٌ أَوْ جَائِزَةٌ مِنْ بَيْتِ المَالِ وَزَّعَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَإِنْ نَالَهُ مِنْهَا شَيءٌ أَعَادَهُ عَلَيْهِمْ فِي غُضُوْنِ الأَيَّامِ، قَالَ: وَلَقَدْ (ثَنِي) مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ جَاءَتْهُ صِلَةٌ مِنْ بَعْضِ الصُّدُوْرِ نَحْوَ أَرْبَعِيْنَ دِيْنَارًا فَفَرَّقَهَا (٢) فِي يَوْمِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ قَالَ لِي: يَا فُلَانُ، لَوْ كُنَّا عَزَلْنَا مِنْ ذلِكَ الذَّهَبِ قِيْرَاطَيْنِ لِلْحَمَّامِ؟ وَكَانَ قُوْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ قُرْصَيْنِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَفُتُّهُمَا (٣)، وَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّهُ يَسْتَفْضِلُ


(١) المُتَوَفَّى سَنَةَ (٦٠٤ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(٢) في (ط): "أَفقَرَّقها".
(٣) كَذَا فِي (أ) و (ج) و (هـ) وفِي (ب): "يقتهما" وفي (د) بياض، وفي (و)، وهي =