للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا الجنس مسألة ذكرت في «مجموع النوازل» سئل عنها الإمام نجم الدين عمر النسفي رحمه الله وصورتها: امرأة وكلت رجلاً أن يزوجها من رجل فزوجها بحضرة امرأتين والموكلة حاضرة، قال: يجوز النكاح وتصير الموكلة هي المزوجة.

قيل: فإن أنكر الزوج أوالمرأة الموكلة هذا العقد هل تقبل شهادة الوكيل والمرأتين على النكاح؟ قال: نعم إذا لم يقل الوكيل: أنا زوجتها منه بالوكالة؛ لأنه إذا قال ذلك تكون شهادة على قول نفسه ولا تقبل. قيل له: فهل يكفيه أن يقول: هذه امرأة هذا؟ قال: لا بد من إثبات العقد.

قال ولو قال قائل: إن الوكيل يشهد ويقول: هذه امرأة هذا بعقد صحيح قام بتزويج من له ولاية التزويج، وقبول من له ولاية القبول لا ينفذ ولكن لا أحفظ في هذا رواية، والصواب: أنه يشهد أن هذه امرأة هذا، ويقبل القاضي ذلك، ولا حاجة إلى إثبات العقد.

وإذا وكلّ الرجلُ رجلاً أن يزوج عبده امرأة فزوج الوكيل العبد امرأة بشهادة رجل واحد والعبد حاضر لا يجوز؛ لأنه لو جاز إنما يجوز بأن تنتقل عبارة الوكيل إلى العبد فيجعل العبد متزوجاً، ولا وجه إليه؛ لأن الوكيل ليس بمأذون من جهة العبد حتى تنتقل عبارته إلى العبد فبقي الوكيل مزوجاً لا شاهداً.

وإذا زوج الرجل ابنته البالغة وأنكرت الرضا فشهد عليها أبوها لا يقبل لأنه يريد تتميم ما باشره. ولو شهد عليها بالرضا أخواها قبلت شهادتهما. وإذا زوج الرجل ابنته بشهادة ابنيه ثم جحد الزوج النكاح وادعاه الأب والمرأة فشهد الابنان بذلك لم تقبل شهادتهما عند أبي يوسف، وعند محمد رحمهما الله تقبل شهادتهما، ولو كان الزوج هو المدعي والأب والمرأة يجحدان ذلك فشهادة الابنين مقبولة بلا خلاف.

والحاصل: أن شهادة الإنسان لأخيه أخته وعليهما مقبولة، وشهادته فيما يجحده الأب مقبولة، وإن كان للأب فيه منفعة بأن شهدا على أبيهما ببيع ما يساوي مائة ألف، وشهادته فيما يدعيه الأب إن كان للأب فيه منفعة لا تقبل بلا خلاف.

وإن لم يكن للأب فيه منفعة فكذلك عند أبي يوسف، وعند محمد رحمهما الله تقبل، حجّة محمد رحمه الله: أن شهادة الابن لأبيه إذا كان للأب فيه منفعة إنما لا تقبل لمكان التهمة، فإن الإنسان متهم بإيثار الأب على غيره في المنافع، وهذا المعنى لا يتأتى فيما لا منفعة للأب فيه، وأبو يوسف رحمه الله يقول: شهادة الابن لأبيه إنما لا تقبل بالنص، ولا فصل في النص، على أن المنفعة هنا متحققة وإن لم تكن مالية وهو ظهور صدقه عند الناس.

وإذا وقع الاختلاف بين الزوج والمرأة في أن النكاح كان بشهود أو بغير شهود فالقول قول من يدعي أنه كان بشهود؛ لأن الذي يدّعي النكاح بشهود يدّعي صحة العقد، والذي يدعي النكاح بغير شهود يدعي فساد النكاح. والأصل: أن الزوجان إذا اختلفا في

<<  <  ج: ص:  >  >>