للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لو شهد كل واحد أنه كان معه رجل آخر قضى بشهادتهما؛ لأن كل واحد شهد بنكاح صحيح، لم يبق إلا اختلاف الوقت وإنه لا يمنع قبول الشهادة متى قامت على القول، هكذا ذكر شيخ الإسلام علّه هذه المسألة في «شرحه» ، وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله علة تقتضي عدم القبول على كل حال فقال: النكاح بمنزلة الأفعال، وهذا لأن النكاح ... والصحيح: ما ذكر شمس الأئمة، وذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب الشهادات على نحو ما ذكره شمس الأئمة، وإن كان قولاً إنّه يتضمن فعلاً وهو إحضار الشهود، فصار النكاح ملحقاً بالفعل من هذا الوجه، واختلاف الشهود في المكان والزمان في الأفعال يمنع قبول الشهادة في حق هذا المعنى، لا فرق بينهما إذا شهد كل واحد منهما أنه كان معه رجل آخر ولم يشهد على هذا الوجه.

قال الزندويستي في «نظمه» وينعقد النكاح بشهادة الأخرسين إذا كانا سميعين، وإذا وقع التجاحد فلا شهادة لهما لأنه لا لفظ لهما. وكذلك ينعقد النكاح بشهادة الأعمى والمحدود في القذف والمحدود في الزنا، وكذلك ينعقد بشهادة ابنيه لا منها وبشهادة ابنيها لا منه وبشهادة ابنيه منها.

وإذا تزوج المسلم الذمية بشهادة الذميين جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله؛ لأن ملك النكاح ثبت للرجل على المرأة مضموناً بالمهر، وشهادتهما حجة من حيث إثبات الملك له عليها، وأما لا يعتبر من حيث إيجاب المهر لها عليه إلا أن المهر زائد في الباب، فوقوع الخلل في الشهادة فيما يرجع إلى المهر لا يمنع انعقاد العقد؛ لأن الخلل دون انعدام التسمية.

المرأة إذا زوجت ابنتها البالغة بحضرتها برضاها بحضرة رجل وامرأة جاز النكاح، وإن كانت الابنة غائبة لا يجوز؛ لأن الابنة إذا كانت حاضرة كانت هي المزوجة والأم معبرة عنها، وهي مع المرأة الأخرى والرجل شهود، فيكون هذا نكاحاً بحضرة رجل وامرأتين، فأما إذا كانت الابنة غائبة؛ لا يمكن أن تجعل الابنة هي المزوجة، فبقيت الأم مزوجة ووراءها رجل وامرأة، ولو كانت الابنة صغيرة وباقي المسألة بحالها لا يجوز النكاح سواء كانت الابنة حاضرة أو غائبة؛ لأنه لا يمكن أن تجعل الابنة مزوجة؛ لأن الصغيرة ليست من أهل التزويج.

ومن هذا الجنس ذكر خواهر زاده رحمه الله في شرح كتاب الرهن وصورتها: وكّل رجلٌ رجلاً أن يزوج له امرأة، فزوجه الوكيل امرأة بحضرة شاهد واحد، إن كان الموكل حاضراً يجوز، وطريقه: أن الموكل يعتبر متزوجاً ويعتبر الوكيل مع الشاهد الآخر شاهدان، وإن كان الموكل غائباً لا يجوز، حاصل هذه المسائل مسألة ذكرها (١٩٢بأ) في آخر الباب الأول من نكاح «الجامع الصغير» وصورتها: رجل أمر رجلاً أن يزوج ابنة له وهي صغيرة فزوجها والأب حاضر جازت شهادة المزوج، وإن كان الأب غائباً لم تجز شهادة المزوج وطريقه ما قلنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>