للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاوضة والدراهم والدنانير إذا كانا لا يتعينان في المعاوضات لا يتعينان فيما يثبت في ضمن المعاوضة، فلا يطالب الوكيل بالألف المشار إليه، لهذا لا يطالب بألف آخر لانعدام الضمان؛ لأنه يحتمل أن يكون ما قال ضماناً، ويحتمل أن يكون وعداً بأن يؤدي من مال نفسه فلا يثبت الضمان بالاحتمال.

وإذا وكلّه أن يزوجه امرأة فزوجه امرأة معتدة أو لها زوج ودخل بها الزوج ولم يعلم؛ فرق بينهما وعليه الأقل من مهر المثل ومن المسمى كما في سائر الأنكحة الفاسدة، ولا ضمان على الوكيل في ذلك؛ لأن ما لزم الزوج لزمه بفعله وهو الدخول لا بعقد الوكيل.

ولو وكّلَه أن يزوجه امرأة فزوجه امرأتين في عقد لم يلزم الزوج واحدة منهما، ولو وكّله أن يزوجه امرأة بعينها فزوجه تلك وأخرى معها لزمه تلك.Y

وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف رحمهم الله: إذا وكّله أن يزوجه امرأة بعينها بألف درهم، فزوجها إياه وأخرى معها بألفي درهم فإن كان الذي يصيبها إذا قسم ذلك ألف أو أقل جاز على الآمر، ولو زوجها إياه وحدها بغير مهر مسمى فإن كان مهر مثلها ألف أو أقل جاز في قول أبي يوسف رحمه الله، وإن كان أكثر لم يجز.

قال: وقياس قول أبي حنيفة رحمه الله في هذا أن لا يلزمه النكاح من قبل أن يعقد العقد على غير التسمية، وهذا خلاف ما أمره، وهذا إشارة إلى الجواز عند أبي حنيفة رحمه الله في الثنتين كما هو قول أبي يوسف رحمه الله، ولو وكّلَه أن يزوجه امرأتين في عقد فزوجه واحدة جاز، فكذا إذا وكّله أن يزوجه هاتين المرأتين في عقد فزوجه إحداهما، وتفريق العقد ليس بخلاف، ولو كان قال: لا تزوجني إلا باثنتين التي أمره بها في هذه، ويقع في الثنتين على التسمية، وهذا خلاف ما أمر في عقد واحد فزوجه امرأة لم يلزمه، وكذلك في المعينتين إذا ألحق بآخر كلامه ولا تزوجني واحدة منهما دون الأخرى فزوجه إحداهما لا يجوز.

وإذا أمر الرجل رجلاً أن يزوجه امرأة بعينها بمهر مسمى وذلك ألف درهم مثلاً فزوجه امرأة فزاد عليه في المهر؛ فالزوج بالخيار إن شاء أجاز النكاح بالمهر الذي سماه الوكيل، وإن شاء رده؛ لأنه أتى بخلاف ما أمره به، فكان هذا ابتداء عقد فيتوقف على إجازة الزوج، فإن لم يعلم الزوج بذلك حتى دخل بها فالزوج بالخيار أيضاً، فلا يكون دخوله بها رضاً بما خالف به الوكيل؛ لأن الرضا بالشيء لا يتحقق قبل العلم به، فكان على خياره إن شاء أقام معها وأجاز نكاحها على ما سمى لها الوكيل، وإن شاء فارقها، ومتى فارقها كان لها الأقل مما سمى لها الوكيل ومن مهر المثل؛ لأن الدخول حصل في نكاح موقوف، وإن كان المأمور ضمن لها المهر المسمى وأخبرها لأنه أمره بذلك ثم أنكر الزوج الأمر بالزيادة على الألف، وهذا قبل الدخول بها فنقول إنكار الأمر بالزيادة إنكار الأمر بهذا النكاح، ولو أنكر الأمر بالنكاح أصلاً كان النكاح باطلاً ولا مهر على الزوج ولها أن تطالب المأمور بالمهر؛ لأن في زعمهما أن النكاح صحيح وأن الضمان صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>