تزوج امرأة بعينها ثم إن الزوج تزوج أمها أو ابنتها خرج الوكيل عن الوكالة وإذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها وقالت له: ما صنعت من شيء فهو جائز حتى جاز للوكيل أن يوكل غيره ليزوجها، فحضر الوكيل المؤمَّن فأوصى إلى رجل بالتزويج فزوجها الوكيل الثاني بعد موت الأول يجوز، وكان ينبغي أن لا يجوز؛ لأن الأول أضاف الوكالة إلى ما بعد موته وبعد الموت لا يبقى وكيلاً فكيف يصح توكيله بعد الموت؟ والجواب: أن الأول رسول عن المرأة في التوكيل، وعبارة الرسول منقولة إلى المرسل فحينئذ مخيّر.
قال لغيره: أوصيت إليك بالتزويج وهو وكيل حال ما قال هو بالمقالة صار كلامه منقولاً إلى المرأة وكأن المرأة قالت: هو وكيل بتزويجي بعد موت الأول، ولو خرجت المرأة بهذا متى مات الوكيل الأول فزوّجها الوكيل الثاني كان جائزاً، كذا فهمنا، وصار الحاصل: أن الوكيل الثاني وكيل المرأة، وكذا هذا في سائر الوكالات.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : وكل الرجل رجلاً أن يزوج له امرأة فزوجه امرأة بغير إذنها زوجها أبوها فلم يبلغها الخبر حتى نقض الوكيل النكاح بغير محضر منها وبغير محضر من أبيها فزوجها جاز؛ لأنه على وكالته بعد. بيانه: وهو أن الوكالة متى صحت فهي على حالها ما لم يوجد العزل أو انتهت بتحصيل ما وكل به ولم يوجد العزل هنا، والوكيل لم يحصل ما وكل به على التمام؛ لأنه وكله بالعقد التام وقد أتى بأصل العقد. إذا بقي على وكالته فنقول: تصرف الوكيل حال بقاء الوكالة كتصرف الموكل بنفسه، والموكل يقدر على إبطال هذا العقد فكذا الوكيل، وبهذا الطريق قلنا: إن الوكيل بالبيع مطلقاً يملك البيع بشرط الخيار لإطلاق اللفظ ويملك فسخع في مدة الخيار لبقاء الوكالة، ولكون تصرف الوكيل بمنزلة تصرف الموكل حال بقاء الوكالة فإن قيل تصرف (الوكالة) حال بقاء الوكالة كتصرف الموكل تصرفاً دخل تحت الوكالة، لا تصرفاً لم يدخل تحت الوكالة والداخل تحت الوكالة العقد لا نقضه قلنا: نعم الداخل تحت الوكالة العقد ولكن لحمكة النظر في حق الموكل، فربما يكون النظر في عقد آخر لا يمكنه تحصيل عقد آخر إلا بنقض هذا العقد، فكان نقض هذا العقد من ضرورات تحصيل المأمور به، فيكون هو قائماً مقامه في هذا النقض.
وإنما لم يشترط حضرة المرأة ولا حضرة أبيها؛ لأن حكم العقد لم يظهر في حقها أصلاً، ولو أن الوكيل لم ينقض هذا النكاح ولكن زوج الموكل أخت هذه المرأة بإذنها كان ذلك نقضاً للنكاح الأول؛ لأنه وكيل في العقد الثاني؛ لأن العزل لم يوجد ولم تنته الوكالة على أمر وبين النكاحين تنافي فيكون الإقدام على الثاني فسخاً للأول، وكذلك لو زوجه الثانية بغير إذنها كان نقضاً للنكاح الأول؛ لأن نكاح الثانية أيضاً موقوف؛ لأنه على وكالته بعد، والجمع بين الأختين ملكاً كما هو حرام فالجمع بينهما عقداً أيضاً حرام، فتضمن إقدامه على النكاح الثاني فسخاً للأول، ولو كان مكان الوكيل فضولي بأن زوج رجل رجلاً امرأة بغير أمره ثم فسخ المزوج العقد قبل أن يخبره الزوج كان فسخاً باطلاً، وعن أبي يوسف رحمه الله أن فسخه صحيح، فأبو يوسف رحمه الله قاس النكاح على