إليه إن كانت في منزلك فإن قال الأب: ليست ابنتي في منزلي ولا أقدر عليها فأنا أقبض المهر، وهو يطلبها حيث هي، ليس له ذلك. وإن قال: هي في منزلي فأنا أقتصر المهر وأجهزها به أسلمها إليه فالقاضي يأمر الزوج بدفع المهر إليه.
فإن قال الزوج: هو يدافعني عنها ويريد أن يأخذ المهر ولا يسلمها إليّ فمُرْهُ فليوثق لي من المهر بكفيل، فالقاضي يأمر الأب أن يوثق من المهر للزوج بكفيل فيعطيه بالمهر، فيأمر الزوج بدفع المهر حتى إذا سلّم له البنت إليه برىء الكفيل، وإن عجز عن ذلك توصل الزوج إلى حقه بالكفيل فيعتدل النظر في الجانبين، وهكذا كان يقول أبو يوسف رحمه الله أولاً، ثم رجع وقال: القاضي يأمر إلا أن تجعل المرأة مهيأة للتسليم ويحضرها ويأمر الزوج بدفع المهر، وللأب بتسليم البنت فيكون دفع الزوج المهر عند تسليمها نفسها إلى الزوج؛ لأن النظر لا يحصل للزوج بالكفالة لأنه لا يصل إلى المرأة بإمهاله بالكفالة، وإنما النظر في تسليم المهر بحضرتها، وقال الخصاف: وهذا أحسن القولين.
وإن كان الأب إنما قدم الزوج إلى قاضي الكوفة والخصومة بينهما على ما وصفنا (قال) الأب: ابنتي بالبصرة وثمة كان عقدة النكاح؛ أو قال: كانت ابنتي بالكوفة إلا أنها انتقلت إلى البصرة فأنا أسلمها إليه بالبصرة فإن الأب لا يُجبر على حملها إلى الكوفة، ولكن يقال للزوج: ادفع المهر إلى الأب واخرج إلى البصرة مع الأب وخذ المرأة هناك من الأب، فقد ذكرنا قبل هذا أن إحضار المرأة ليس بشرط لتسليم المهر. فإن اتهم الزوج الأب بما قُلنا من قبل، فالقاضي يأمر الزوج أن يأخذ من الأب كفيلاً بالمهر على أنه إن سلم الأب البنت بالبصرة يرى الكفيل، فإذا أتى البصرة وسلم الأب البنت إليه يرى الكفيل والأب، وإن عجز عن تسليم البنت إليه يخاصم الكفيل ويستوفي حقه منه فيعتدل النظر من الجانبين.
وإن قال الزوج: لا يمكنني الخروج إلى البصرة ولكن أوجه وكيلاً يحولها إلى منزلي بالبصرة فذلك له، فإن قال الزوج يحملها وكيلي إليّ فإن كان الوكيل محرماً فله ذلك بناء على أن المرأة إذا استوفت صداقها كان للزوج أن ينقلها حيث أحب، وستأتي المسألة بعد هذا مع قول الفقيه أبي القاسم الصفار رحمه الله إن شاء الله، وإن لم يكن الوكيل محرماً لم يؤمن بالخروج معه وإن رضي الزوج بذلك، لأنه رضي بما لا يرضى به الشرع وهو خروج المرأة إلى السفر من غير محرم هذا هو الكلام في الأب.
جئنا إلى الوكيل بقبض المهر من جهة المرأة فنقول: إذا وكلت المرأة رجلاً بقبض مهرها من الزوج كان الأمر في اشتراط حضرة المرأة وأخذ الكفيل بالمهر من الوكيل عند التهمة، ورجوع أبي يوسف رحمه الله كالكلام في الأب، وهذه المسألة على هذا التفصيل استفيدت من جهة الخصاف رحمه الله. وإن كان الزوج قد دخل بامرأته فليس للأب أن يقبض مهرها إلا بوكالة منها (فيما) ذكرنا.
فإن طالب الأب الزوج بالمهر وقال: ابنتي بكر في منزلي، وقال الزوج (١٩٧أ١) دخلت بها فالقول في ذلك قول الأب لأنه متمسك بالأصل فينكر العارض، وإن قال