للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوج للقاضي حلف الأب أنه لم يسلّم أني قد دخلتُ بها؛ ذكر الصدر الشهيد رحمه الله هذه المسألة في «الواقعات» في الباب المعلّم بعلامة النون وقال: لم يذكر جواباً عن هذه المسألة في «الكتاب» ويحتمل أن يحلف؛ لأن الأب لو أقر بذلك صح إقراره في حق نفسه حتى لم يكن له أن يطالبه بالمهر، وكانت المطالبة إلى البنت فكان التحليف معتبراً.

ونص الخصاف في «أدب القاضي» في باب المطالبة بالمهر: لا يحلف إنما لا يحلف لوجهين: أحدهما: ما أشار إليه الخصاف فقال: لأنه لو أقرّ بالدخول لم يَجْرِ ذلك عليها؛ لأنه إقرار على الغير إلا أنه يبطل حقه في القبض ما لم يوجد التوكيل منها وكان بمنزلة الوكيل بقبض الدين. إذا ادعى المديون أن الموكل أبرأه أو استوفى الدين منه فإنه لا يحلف الوكيل، وإن كان الإبراء أو الاستيفاء من الموكل لو ثبت يبطل حق الوكيل.

والثاني: أن الزوج لا يدعي على الأب شيئاً، وإنما يدعي عليها معنى وهو الدخول، حتى لو ثبت ذلك يسقط حق الأب في قبض الصداق، فهذا بمنزلة ما لو اشترى جارية ثم ادعى أنها ذات زوج وطلب يمين البائع لا يمين (عليه) لأنه لا يدعي على البائع شيئاً، وإنما يدعي علبها معنى وهو النكاح، حتى إذا ثبت النكاح ثبت للمشتري حق الرد بالعيب، كذا هنا. فإن قال الزوج للقاضي: مُر الأب بإحضارها وسلها عما أقول من دخولي بها، فإن كانت المرأة ممن تخرج في حوائجها أَمَرَهُ بإحضارها ليسألها عن دعوى الزوج؛ لأن الزوج لو ادعى عليها شيئاً آخر وهي ممن يخرج في حوائجها فالقاضي يحضرها مجلسه كذا هنا.

وإن كانت ممن لا يخرج في جوانحها فالقاضي يبعث إليها أميناً من أمنائه، ويدخل عليها الأب رجلين عدلين ممن يعرفها مع الأمين والزوج، ويسألها الأمين عن دعوى الزوج، فإن أقرت بذلك شهد الشاهدان بذلك عند القاضي وأجبرها القاضي على المصير إلى منزل زوجها ويطالبه بمهرها.

ولو أنكرت الدخول فالقول قولها، فإن قال الزوج لأمين القاضي حلّفْها أني لم أدخل بها حلفها الأمين، إن كان القاضي أمر الأمين باستحلافها إن أنكرت.

وإن قال الزوج: دخلت بها برضاها وقالت هي: لم أرض بذلك ولكنه استكرهني على نفسي؛ فالقول قولها مع يمينها على ذلك أنه لم يدخل بها برضاها؛ لأن حق حبس النفس كان ثابتاً لها فالزوج يدعي سقوط ذلك أقرّ بالدخول بها برضاها وهي تنكر فكان القول قولها.

وهو نظير ما إذا قبض المشتري المبيع قبل نقد الثمن وادعى القبض برضا البائع وأنكر البائع ذلك كان القول قول البائع، وطريقة ما قلنا.

ولو قالت المرأة: قد خلا بي إلا أنه لم يقع علي ولم أمكنه (من) ذلك حتى أقبض مهري، فالقول قولها لما قلنا، وليس للزوج أن يحتجّ على القاضي ويقول: إن الخلوة أقيمت مقام الجماع، ولو كنت جامعتها أليس يلزمها الذهاب إلى منزلي ثم تطالبني بالمهر فهنا كذلك؛ لأن من حجة القاضي أن يقول: الخلوة ليست بجماع حقيقة وإنما أقيمت

<<  <  ج: ص:  >  >>