للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «المنتقى» في موضع آخر: إذا لم يشهد عند العقد لا يرجع وإنما لا يرجع بدون الشرط بحكم العرف والعادة، فإن العادة أن الآباء يتحملون المهر عن الأبناء الصغار، وهو نظير ما لو أنفق على ابنه الصغير في طعامه وكسوته من مال نفسه؛ فإنه لا يرجع في مال الصغير بذلك إلا إذا اشترط الرجوع وقت الانفاق، وإنما لا يرجع بحكم العرف والعادة. هذا بخلاف ما لو اشترى لابنه الصغير شيئاً آخر سوى الطعام والكسوة ونقد الثمن من مال نفسه، فإنه يرجع على الصغير بذلك وإن لم يشترط الرجوع؛ لأنه لا عُرف؛ لأن الآباء يتحملون الثمن عن الأبناء ولو كان (١٩٧ب١) مكان الأب وصيٌ أو غيره من الأولياء وضمن المهر عن الصغير وأدى من ماله رجع في مال الصغير وإن لم يشترط الرجوع؛ لأنه لا عرف في الأوصياء والأباعد من الأولياء أنهم يتحملون المهور عن الصغار، هذا إذا كان الضمان والأداء من الأب في حالة الصحة.

وإن كان الضمان في حالة الصحة والأداء في حالة المرض؛ ذكر الخصاف في «أدب القاضي» : أنه لا يكون متبرعاً عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما، ويحتسب ذلك في ميراث الابن، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله يكون متبرعاً حتى لا يرجع هو ولا ورثته بعد موته على الابن بشيء. هذا إذا أدى الأب ذلك في صحة أو مرض.

وأما إذا لم يؤد الأب ذلك حتى مات الأب فهذه صلة لم تتم للابن، ثم المرأة بالخيار إن شاءت أخذت الصداق من الزوج وإن شاءت أخذت من تركة الأب، فإن أخذت من تركة الأب رجع سائر الورثة بذلك في نصيب الابن أو عليه إن كان قبض نصيبه عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله في شرح «الكافي» باب نكاح الصغير والصغيرة، وذكر الخصاف أن على قول أبي يوسف رحمه الله: سائر الورثة لا يرجعون بذلك في نصيب الابن ولا عليه إن كان قد قبض نصيبه. ووجه ذلك: أن هذا الضمان انعقد غير موجب للرجوع، ألا ترى أن الأب لو أدى ذلك في حياته وصحته لا يرجع بذلك في مال الابن فلا ينقلب موجباً للرجوع بعد ذلك، وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا: إذا جعلت الأداء في حالة الصحة، وهذا كله إذا حصل الضمان في حالة الصحة.

أما إذا حصل الضمان في مرض الموت؛ فباطل لأنه قصد بهذا الضمان إيصال النفع، والمريض محجور عن ذلك فلا يصح. وكذلك كل دين ضمن عن وارثه أو لوارثه في مرض موته فهو باطل لما قلنا، وفي «البقالي» : إذا قال الأب: اشهدوا أني زوجت ابنتي فلانة بألف من مالي لم تلزمه إلا أن يؤدي وتكون صلة قال: كأنه عن أبي يوسف رحمه الله.

امرأة زوجت ابنتها وهي صغيرة وقبضت صداقها ثم أدركت فإن كانت الأم وصيتها فللبنت أن تطالب أمها بالصداق دون الزوج، وإن لم تكن وصيتها فلها أن تطالب زوجها، والزوج يرجع على الأم؛ لأنها قبضت وليس لها حق القبض، وكذا هذا الجواب في سائر الأولياء سوى الأب والجد.

ذكر رحمه الله في الباب الأول من نكاح «واقعاته» : غير الأب والجد إذا زوج

<<  <  ج: ص:  >  >>