للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المشايخ من فصّل في التقبيل بينما إذا كان على الفم وبينما إذا كان على الجبهة والرأس فقال: إن كانت القبلة على الفم يفتى بالحرمة ولا يصدق إن كان بغير شهوة، وإذا كان على الرأس أو على الذقن أو على الخد لا يفتى بالحرمة، إلا إذا ثبت أنه فعل بشهوة. ويصدق إن لم يكن بشهوة وهكذا ذكر في «مجموع النوازل» .

وكان الشيخ الإمام ظهير الدين رحمه الله يفتي بالحرمة في القبلة على الفم والذقن والخد والرأس وإن كان على المقنعة وكان يقول: لا يصدق في أنه لم يكن بشهوة، وظاهر ما أطلق في «بيوع العيون» يدل على أنه يصدق في القبلة سواء كانت على الفم أو على موضع آخر.

وفي «البقالي» : ويصدق إذا أنكر الشهوة، يعني في المس إلا أن يقوم منتشراً فيعانقها قال: له، وكذا قال في «المجرد» : وانتشاره دليل الشهوة وهذا إشارة إلى أن في المس لا يُفتى بالحرمة ما لم ينضم إليه دليل آخر يدل على الشهوة.

وإذا أخذ بدنها وقال كان ذلك عن غير شهوة ففيه كلام. وإذا ركبت على ظهره وعبر بها الماء ثم قال لم يكن عن شهوة صُدّق. ولو أخذت امرأة ذكر ختنها في الخصُومة وشدته وقالت: كان عن غير شهوة صدّقت، وفي «كراهة الحاوي» : أن مسّ شعر المرأة عن شهوة لا يوجب حرمة المصاهرة.

وفي «الأجناس» : إن مسّ شعر رأس المرأة عن شهوة يوجب حرمة المصاهرة والرجعة، وأنكر القاضي الإمام علي السغدي رحمه الله ما ذكره في «الأجناس» قال: لأن الرأس تحت الشعر فيصير ماساً شعرها لا بدنها، فهو بمنزلة ما لو مسّ يدها من وراء الكم، وتقبل الشهادة على الإقرار باللمس بشهوة. وعلى الإقرار بالتقبيل بشهوة.

وهل تقبل الشهادة على نفس اللمس والتقبيل عن شهوة؟ اختلف فيه المشايخ قال بعضهم: لا تقبل وإليه مال الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله، وهذا لأن الشهوة أمر باطن لا يوقف عليها عادة، وقال بعضهم تُقبل وإليه مال الشيخ الإمام الزاهد علي البزدوي رحمه الله، وهكذا ذكر محمد رحمه الله في «نكاح الجامع» ؛ لأن الشهوة مما يوقف عليها في الجملة إما لتحرك العضو من الذي يتحرك عضوه أو آثار أخرى ممن لا يتحرك عضوه.

ابن سماعة في «نوادره» : عن أبي يوسف رحمه الله: رجل نظر إلى فرج ابنته (٢٠٠أ١) من غير شهوة فتمنى أن تكون جارية: فوقعت له الشهوة مع وقوع نظره قال: إن كانت الشهوة منه على ابنته حرمت عليه امرأته، وإن كانت الشهوة وقعت على ما تمنى لم تحرم؛ لأن النظر إلى فرج ابنته حينئذ لا يكون عن شهوة.

في «واقعات الناطفي» : إذا قصد أن يقيم امرأته إلى فراشه أو يجامعها وهي نائمة ومعها ابنتها المشتهاة، فوصلت يده إلى الابنة فقرصها بإصبعه وظنّ أنها امرأته؛ إن كانت يده إلى الابنة وهو تشتهي لها، حرمت عليه امرأته وإن كان يحسبها امرأته؛ لأنه مسها بشهوة، وإن كان لا شهوة له في وقت ملامستها لا تحرم؛ لأنه لم يوجد مسها بشهوة،

<<  <  ج: ص:  >  >>