للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو زوج رجل ابنه الصغير امرأة لها لبن فارتدت وبانت من الصبي، ثم أسلمت فتزوجها رجل فحبلت منه، وأرضعت بلبنها ذلك الصبي الذي كان زوجها، حرمت عليه زوجها الثاني؛ لأن الصبي صار ابناً لزوجها، فكانت هذه امرأة الابن فحرمت عليه.

ولو زوج رجل أم ولده مملوكاً له وهو صغير فأرضعته بلبن السيد حرمت على زوجها وعلى مولاها؛ لأن المملوك صار ابناً لمولاه، فحرمت على المولى لأنها امرأة ابنه وحرمت على الزوج لأنها موطوءة ابنه.

ولو تزوج صغيرة وطلقها، ثم تزوج كبيرة فأرضعت هذه الكبيرة تلك الصغيرة بلبنها أو لبن غيرها حرمت عليه؛ لأنها أم امرأته.

نوع منه ولا تقبل في الرضاع إلا شهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين عدول

هكذا روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما. والمعنى: أن ثبوت الحرمة لا تقبل الفصل عن زوال الملك في باب النكاح، وإبطال الملك عن المحل لا يثبت إلا بشهادة شاهدين، وهذا بخلاف ما إذا اشترى لحماً فأخبره مسلم أنه ذبحه مجوسي، فإنه لا يحل تناوله؛ لأن حرمة التناول تقبل الفصل عن زوال الملك، فكان هذا من باب الدين، فقبل قول الواحد فيه، وإن كان المخبر واحداً ووقع في قلبه أنه صادق فالأولى أن يتنرّه ويأخذ بالثقة، وحط الإخبار قبل العقد أو بعده، ولا يجب عليه ذلك. وإذا شهد بذلك رجلان أو رجل وامرأتان وهم عدول لم يتسع لكل واحد منهما المقام مع صاحبه؛ لأن الحجة قد تمّت.

صبيّة أرضعها بعض أهل القرية فهو في سِعَةٍ من المقام معها في الحكم؛ لأنه لم يظهر المانع في «فتاوى أهل سمرقند» . وفيه أيضاً: أدخلت المرأة حلمة ثديها فم رضيع ولم تدر أدخل اللبن في حلقه أم لا فإنه لا يحرم النكاح؛ لأن في المانع شك.

وفي آخر «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رجل تزوج امرأة رضيعة ومضى على ذلك زمان فقالت أم الزوج أو أختها: إني قد أرضعتها، إن قالت قد أرضعتها قبل النكاح لا يحل للزوج أن يتزوج أختها ما لم تُطلّق الرضيعة؛ لأن إقدام الزوج على النكاح إقرار منه بصحة النكاح، وإقراره حجة في حقّه. وإن قالت: أرضعتها بعد النكاح جاز له أن يتزوج بأختها قبل أن يطلقها والله أعلم.

نوع منه

إذا قال الزوج: هذه المرأة أمي من الرضاعة أو قال: ابنتي أو قال: أختي، ثم أراد أن يتزوجها بعد ذلك وقال: أو همت أو أخطأت أو لبست، وصدقته المرأة فهما مصدقان في ذلك وله أن يتزوجها، وهذا استحسان وإن ثبت على قوله الأول وقال: هو حق كما قلت، ثم تزوجها فرّق بينهما قياساً واستحساناً.

وجه القياس: أن الرجوع عن الإقرار فيما هو على المقرّ غير عامل؛ لأن الإقرار ملوم بنفسه على ما عرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>