للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو لا يعلم أجزأه تيممه، لأنه عاجز عن استعماله، حين عَدِمَ آلة الوصول إليه وهو العلم به فهو كما لو كان على رأس البئر وليس معه آلة الاستقاء فله أن يتيمم فكذلك ههنا. فإن كان عالماً بالماء لم يجز التيمم؛ لأنه قادر على استعمال الماء.

وإن كان الماء بعيداً عنه جاز له التيمم وإن كان عالماً به، يذكر في «الكتاب» حد القرب والبعد. وروي عن محمد رحمه الله أنه إذا كان بينه وبين الماء دون ميل لا يجزئه اليتيم ويكون قريباً وإن كان ميلاً أو أكثر أجزأه التيمم لكونه بعيداً، والميل ثلث فرسخ، وقال الحسن بن زياد رحمه الله: إنما يكون الميل بعيداً عن يمينه أو عن يساره أو خلفه حتى يصير ميلين ذهاباً ورجوعاً. فأما هنا إذا كان قدامه فإنه يكون الميل قريباً فيعتبر ميلين لجواز التيمم. كذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وشمس الأئمة السرخسي. وذكر شيخ الإسلام خواهر زاده في رواية أبي حنيفة مع محمد رحمهما الله وفسّر الميل بثلاثمئة ذراع وخمسمئة ذراع إلى أربعة آلاف. هكذا فسره ابن شجاع في «كتابه» . وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنه حدّ لهذا بحد آخر وقال: إن كان بحال لو اشتغل به تذهب القافلة وتغيب عن بصره يكون بعيداً وإن كان على العكس فهو قريب.

وذكر شيخ الإسلام هذه الرواية. وذكر زفر رحمه الله: إذا كان بحيث يصل إلى الماء قبل خروج الوقت لا يجزئه التيمم، وإن كان على العكس يجزئه لضرورة الحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت، ولكنا نقول: التفريط جاء من قبله بتأخير الصلاة فليس له أن يتيمم إذا كان الماء قريباً منه. هذا الذي ذكرنا في حق المسافر.

وأما المقيم إذا خرج من مصره لا يريد سفراً وقد بعد عن المصر وليس معه ماء، هل يجوز له التيمم؟ سيأتي الكلام فيه بعد هذا إن شاء الله تعالى.

وذكر الكرخي رحمه الله في «كتابه» : إذا كان بحيث يبلغه صوت أهل الماء يكون قريباً، لا يجوز له التيمم، فإن كان لا يبلغه صوتهم يكون بعيداً فحينئذ يجوز له التيمم.

وإذا كان مع رفيقه ماء ولم يكن معه ماء فإنه يسأل، هكذا ذكر في «الأصل» رأيت في موضع آخر عن أصحابنا: إذا كان غالب ظنه أنه يعطيه لم يجز له أن يتيمم بل يسأل. وعلى قول الحسن بن زياد رحمه الله: لا يسأل فإن سأله فأبى أن يعطيه إلا بالثمن ولم يكن معه ثمنه فإنه يتيمم بالإجماع لعجزه عن استعمال الماء، وإن كان معه ثمنه فهذا على ثلاثة أوجه: أما إن أعطاه بمثل قيمته في ذلك الموضع، أو بغبنٍ يسير، أو بغبن فاحش.

ففي الوجه الأول والثاني ليس له أن يتيمم بل يشتري ويتوضأ، هكذا ذكره في بعض المواضع، وفي بعض المواضع إذا باعه (١٩أ١) . بمثل القيمة أو بغبن يسير ومعه مال زيادة عليها يحتاج إليه في الزاد مقدار ثمن الماء لا يتيمم بل يشتري الماء، وفي الوجه الثالث يتيمم، وقال الحسن البصري رحمه الله: يلزمه الشراء بجميع ماله لأنه لا......... لأن حرمة مال المسلم كحرمة النفس قال عليه السلام: «من قتل دون

<<  <  ج: ص:  >  >>