للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماله فهو شهيد» . ثم لو خاف تلف عضو جاز له التيمم، فإذا خاف............ أولى أن يجوز التيمم.

ولم يذكر في «الأصل» للغبن الفاحش تقديراً، وقد ذكر في «النوادر» إن كان المال الذي يكفي للوضوء يوجد في ذلك الموضع بدرهم فأبى أن يعطيه صاحب الماء إلا بدرهم ونصف يلزمه أن يشتري ولا يتيمم، وإن أبى أن يعطيه إلا بدرهمين يتيمم ولا يشتري، فجعل الغبن الفاحش في تضعيف الثمن.

وإنما قلنا: إذا كان يعطيه بمثل ثمنه أو بنصف يسير فعليه أن يشتري لأن قدرته على بذل الماء كقدرته على عينه، كما أن القدرة على ثمن الرقبة كالقدرة على عينها في المنع من التكفير بالصوم، وقال بعضهم: الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقويم المقومين.

وفي «القدوري» : إذا زاده على ثمن المثل بما لا يتغابن الناس فيه يتيمم، ولم يلزمه الشراء، وهو والذي قبله سواء، وتعتبر قيمة الماء في أقرب المواضع من الموضع الذي يشتري فيه، وقد أشار في مسألة «النوادر» إلى أعشار قيمته في المكان الذي يشتري فيه، وذكر الشيخ الإمام الصفار: المسافر إذا كان في موضع عز الماء في ذلك الموضع فالأفضل أن يسأل، وإن لم يسأل وتيمم وصلى فإنه تجوز صلاته، لأن الظاهر أنه يجري الشح في الماء في مثل ذلك الموضع، ولو أعطاه بعد ذلك لا تجوز صلاته، وعليه أن يعيد تلك الصلاة لأنه لما أعطاه كان الظاهر أنه لم يسأل قبل ذلك العطاء. فإذا لم يسأل جاء التقصير من قبله فلا يجوز.

فأما إذا كان في موضع لا يرى فيه الماء فإنه يسأل حتى أنه لو لم يسأل وصلى بالتيمم لا تجوز صلاته كما في....... الظاهر أنه لا يجري الشح والصفة في مثل هذا الموضع، فلو أنه سأل فأبى أن يعطيه فتيمم وصلى ثم أعطاه بعد ذلك فإنه تجوز صلاته، لأنه عجز عن استعمال الماء وقت أداء الصلاة، فالقدرة على استعماله بعد ذلك لا ينفع كما إذا صلى بالتيمم ثم وجد الماء. وقد ذكرنا هذا.

قال شمس الأئمة: وكان القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمهما الله يقول: إن بعض الحجاج إذا انصرفوا من حجّهم يضعون ماء زمزم في آنية الاستستقاء أو للعطية، ويجعلون رأس الآنية مرصصاً ولا يخافون على أنفسهم العطش، فربما يعزّ الماء في بعض المواضع فيتيممون وماء زمزم في رحلهم ويرون ذلك جائزاً، وهذا منهم جهل وحمق لأنهم واجدون للماء فلا يجزئهم التيمم.

وذكر هذه المسألة في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله وذكر فيها حيلة فقال: الحيلة أن يهب ذلك الماء لمن يسلمه إليه ثم إن الموهوب له يستودعه منه فيجوز له التيمم، إلا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>