المزوج أباً فلا خِيَارَ لهما؛ لأن الشفقة لا تتفاوت. وإن كان المزوج غير الأب والجد فلهما الخيار عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وإذا تزوجت الذمية ذمياً فقال الولي: هو ليس بكفء لا يلتفت إلى قوله لأنهم أكفاء بعضهم لبعض؛ لأن ذل الشرك وصغار الجزية لجمعهم، فلا يَظهر مع ذلك نقصان النسب. ألا ترى أنهم لو استرقوا كانوا أكفاء، ولو أعتقوا كذلك، ولو أسلموا كذلك فلا يكون للمولى أن يخاصم، قال: إلا أن يكون أمراً مشهوراً يعني كانت بنت ملك خدعها حَائك أو سائس وهنا يفرق بينهما لا لانعدام الكفاءة بل لتسكين الفقيه والقاضي مأمور بن سكين الثمنية فيما هو بينهم كما هو مأمور به فيما بين المسلمين والله أعلم.
نوع منه في نكاح أهل الحرب
الحربي إذا تزوج حربية على أن لا مهر لها، فلا يجب المهر بلا خلاف بخلاف الذميين على قولهما. وإذا تزوج الحربي خمس نسوة أو بأختين ثم أسلم وأسلمن معه، فإن تزوجهن في عقدة واحدة بطل نكاحهن، وإن تزوجهن في عقد منفرد صح نكاح الأربع الأُوَل وبطل نكاح الخامسة.
وكذلك الحكم في الأختين إن تزوجهما في عقد واحد بطل نكاحهما، وإن تزوجهما في عقدتين متفرقتين صح نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية، هذا قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله، وقال محمد رحمه الله: يختار من الخمس أربعاً، ومن الأختين واحدة سواء تزوجها أو تزوجهن في عقدة واحدة أو في عقود متفرقة.
وجه قول محمد: أن الأنكحة وقعت صحيحة في الأصل لأن حرمة الجمع بخطاب الشرع وخطاب الشرع قاصر عنهم، ألا ترى لو ماتت واحدة من الخطاب الخمس أو من الأختين أو فارقها قبل الإسلام ثم أسلم كان نكاح الباقية على الصحة والباقي غير الثابت، وإنما تثبت من الإجماع في العقد حرمة الجمع في حقّه في حالة الإسلام فيجب الإعراض عما وجد في الابتداء من الاجتماع في العقد والتفريق، ويجب اعتبار حالة الإسلام فيرفع ما يتحقق به الجمع وهو نكاح إحداهما في الأختين ونكاح إحداهن في الخمس.
قال محمد رحمه الله في «السير الكبير» : ولو كانت هذه العقود فيما بين أهل الذمة كان الجواب على ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله لأن الخطاب بحكم الشيوع في دار الإسلام يجعل ثابتاً في حق أهل الذمّة وإن كنا لا نتعرض لهم ما لم يسلموا، وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله قالا: خطاب التحريم بسبب الجمع كان موجوداً حالة الكفر، ولكن امتنع عمله لمكان الكفر، فإذا زال الكفر يعمل الخطاب عمله على وجه لولا المانع فكان عاملاً فيثبت الحكم. إلا أن على وفاق ما يقتضيه السبب في الابتداء ولولا الكفر حرم نكاح الكل إن كان النكاح واحداً لأن الجمع حصل بالكل وحرم نكاح الخامسة والأخت الثانية إن كان النكاح متفرقاً لأن الجمع حصل بهما كذا هنا.