وعلى هذا (٢١٥ب١) لو أسلم وتحته أم وابنة وأسلما معه، فان كان تزوجهما في عقد واحد بطل نكاحهما ثم ينظر إن لم يكن دخل بهما فله أن يتزوج الابنة دون الأم، وإن كان دخل بهما، لم يكن له أن يتزوج بواحدة منهما، وكذلك إن كان دخل بالأم وحدها، وإن كان دخل بالابنة وحدها فله أن يتزوج الابنة دون الأم، وإن كان تزوجهما في عقدين، فنكاح الأولى جائز ونكاح الثانية فاسد، وهذا إذا دخل بهما أو دخل بالأولى، فإن كان دخل بالثانية فإن كانت الأولى ابنة فسد نكاحهما، وإن كانت الأولى أماً فنكاح الابنة صحيح، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعلى قول محمد رحمه الله، فسواء تزوجهما في عقدةٍ واحدةٍ أو في عقدتين، فنكاح الابنة صحيح لأن العقد على الابنة يُحرِّم الأم والعقد على الأم لا يحرم الابنة إلا أن يكون دخل بالأم فحينئذ يفرق بينه وبينهما، وهذا إذا كان دخوله بالأم بعدما تزوج الابنة، وإن كان قبل أن يتزوج الابنة، فنكاح الأم صحيح لأن نكاح الأم لو بطل بطل بحكم نكاح الابنة إلا أن نكاح الابنة هنا لم يصح؛ لأنها حرمت بالدخول بالأم، وإذا لم يصح نكاح الابنة كيف يبطل نكاح الأم؟ إلا أن يكون دخل بالبنت أيضاً، فحينئذ تقع الفرقة بينه وبينهما بالمصاهرة وليس له أن يتزوج بواحدة منهما.
وإذا أسلم الحربي وامرأته وقد كان طلقها ثلاثاً ثم تزوج قبل أن تنكح زوجاً غيره فرّق بينهما لأن الطلقات الثلاث تقع في دار الحرب حسب وقوعها في دار الإسلام؛ لأنهم يعتقدون ذلك، وإنها تثبت حرمة المحل إلى وقت إصابة التزوج، وكذلك لو كان جامع أمّها أو ابنتها أو قبل واحدة منهما بشهوة؛ لأنها الحرمة بسبب المصاهرة نظير الحرمة بسبب الرضاع، وذلك يتحقق في دار الحرب كما تتحقق في دار الاسلام وهذا مثله.
وإذا خرج أحد الزوجين من دار الحرب إلى دار الإسلام وترك الآخر كافراً في دار الحرب وقعت الفرقة بينهما عندنا، فبعد ذلك ينظر إن كان الخارج إلى (دار الإسلام) الزوج فلا عدة على المرأة بلا خلاف. وإن كان الخارج هي المرأة فلا عدة لها عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما وقدّم مسألة المرأة قبل هذا في فصل ما يجوز من الأنكحة وما لا يجوز. ولو كذلك خرج أحدهما ذميّاً وقعت الفرقة بينهما، ولو خرج إلينا بأمان لم تقع الفرقة بينهما.
ولو سُبي حربي مع أربع نسوة له بطل نكاح الكل عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله سواء تزوجهن في عقدة واحدة أو في عقود متفرقة، بخلاف ما إذا أسلم مع خمس نسوة تحته أو مع أختين لأن في هذه الصورة حال وقوع النكاح لم يكن سبب التحريم قائماً؛ لأنه كان حرّاً وكان نكاح الأربع مشروعاً فوجب اعتبار حالة البقاء واعتبار حالة البقاء توجب بطلان الكل؛ لأن الجمع يقوم بالكل بخلاف مسألة الإسلام على ما ذكرنا.
نوع منه في نكاح المرتد
إذا ارتدّ أحد الزوجين وقعت الفرقة بينهما في الحال، هذا هو جواب ظاهر الرواية وبعض مشايخ بلخ وبعض مشايخ سمرقند رحمهم الله كانوا يفتون بعدم الفرقة بارتداد