المرأة حسماً لباب المعصية، وعامتهم على أنه تقع الفرقة إلا أنها تجبر على الإسلام، والنكاح مع زوجها الأول لأن الحسم يحصل بالجبر على النكاح الأول، ومشايخ بخارى رحمهم الله، كانوا على هذا.
وفي «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله برواية ابن سماعة: إذا تكلمت بالكفر وقلبها مطمئن بانت وهي مشركة، ثم إن كانت المرأة هي المرتدة ولم يكن الزوج دخل بها فلا مهر، وهذه فرقة بغير طلاق بلا خلاف، وإن كان الزوج هو المرتد ولم يكن دخل بها فلها نصف المهر، وتكون هذه فرقة بغير طلاق عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله، وعند محمد رحمه الله تكون فرقة بطلاق.
ولو ارتد الزوجان معاً لم تقع الفرقة استحساناً عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله، فإن أسلما فهما على نكاحهما، وإن أسلم أحدهما وقعت الفرقة ويجعل إصرار صاحبه على الردة بعد إسلامه كإنشاء الردة منه.
مسلمٌ تحته نصرانية ثم تمجسّا معاً فهما على النكاح، قال: لأن هذا منهما ردة فصار كما لو ارتدا معاً، قال: ولو تهودا بانت منه قال: لأن هذا منها ليس بردة فصار كأنه ارتد الزوج وحده، روى المسألة مع هذا التعليل ابن رستم عن محمد، وعن محمد رحمهما الله رواية أخرى في التهود أنها لا تبين كما لو تمجسا فحصل عن محمد فيما إذا تهودا روايتان، وعن أبي حنيفة رحمه الله فيما إذا تهودا روايتان أيضاً، فيما إذا تمجسا رواية واحدة أنهما على النكاح، وعن أبي يوسف رحمه الله روايتان في الفصلين جميعاً.
وفي «الأصل» : إذا أسلم النصراني وتحته نصرانية فتحولت إلى اليهودية، فهي امرأته كما لو كانت يهودية في الابتداء، أو إن أسلم النصراني وتحته مجوسية ثم ارتد عن الاسلام بانت منه لأن النكاح بعد إسلامه باقٍ ما لم يفرق القاضي بينهما، وتفرُّدُ أحد الزوجين بالردة يوجب الفرقة، وكذلك لو أسلمت المجوسية ثم ارتد بانت منه، وإن لم يرتد الزوج ولم يسلم حتى مات الزوج فلها المهر كاملاً دخل بها أو لم يدخل بها.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : مسلم تزوج صبية مسلمة زوجها أبوها منه ثم ارتد أبواها عن الإسلام ولحقا بدار الحرب أو لم يلحقا، فإنها لا تبين من زوجها ما دامت في دار الإسلام؛ لأنها بقيت مسلمة ما بقيت في دار الإسلام، بيانه: وهو أن الصغيرة قبل ارتداد الأبوين كانت مسلمة تبعاً للأبوين ولدار الإسلام؛ لأن لدار الإسلام أثراً في الاستتباع كما للأبوين، ألا ترى أن من سُبي صغيراً أو صغيرة وأدخله دار الإسلام يحكم بإسلامه كما دخل دار الاسلام تبعاً للدار حتى لو مات يصلي عليه، وإذا كان لدار الإسلام أثر في الاستتباع كما للأبوين كان إسلام الصغيرة حكم بسبب التبعية مضافاً إليهما وأحدهما قائم بعد ردتهما، فبقي إسلامها.
فإن قيل: دار الاسلام إنما توجب إسلام الصغير حال فقد الأبوين كما في الصغير إذا سبي وحده، فأما حال وجود الأبوين فلا، ألا ترى أن الولد الحادث بين النصرانيين في دار الإسلام وبين اليهوديين يكون نصرانياً ويهودياً تبعاً للأبوين فلا يكون مسلماً تبعاً