للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان من قصدهما التحليل إلا أنهما لم يشترطا ذلك يقول: حلّت للزوج الأول، ولو شرطا الإحلال بالقول فإن تزوجها لذلك، فالنكاح صحيح في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله، وتحل للأول ولكن يكره ذلك للأول والثاني، وقال أبو

يوسف رحمه الله: النكاح الثاني فاسد ولا تحل للأول.

وقال محمد رحمه الله: النكاح الثاني صحيح فلا تحل للأول، وفي «الجامع الأصغر» وقال بعض أشياخنا: إذا تزوجها ليحللها للأول فهذا الثاني مأجور في ذلك؛ لأنه نوى أن يصل الأول إلى الحلال بما هو مباح، وليس فيه إبطال حق على أحد فلا إضرار بالغير والمراد من قوله «لعن الله المحلل والمحلل له» أن يقول لغيره: أحللت لك ابنتي بكذا وما أشبهه. والحكم في الأمة المنكوحة بعد الثنتين نظير الحكم في الحرة بعد الثلاث لا تحل لزوجها ما لم تتزوج بزوج آخر ويدخل بها الثاني ووطء المالك لا يحلها للزوج الأول، ولو اشتراها الزوج لم تحل له بملك اليمين. وقد ذكرنا بعض هذه المسائل في النوع الرابع من الفصل العشرين.

ومما يتصل بهذه المسائل: سئل نجم الدين النسفي رحمه الله عمن حلف بثلاث تطليقات وظنّ أنه لم يحنث فاستفتيت المرأة فأفتيت بوقوع الثلاث، وعلمت أنها لو أخبرت الزوج بذلك أنكر اليمين، هل لها أن يحللها بعدما فارقها زوجها بسفر أو غيره وتنقضي عنها فتعتد من الزوج الثاني ثم تأمر الأول بعد الإياب بتجديد النكاح لشيء دخل قلبها من شبهة

قال: فأما في القضاء فلا لإنكار الزوج وقوع الثلاث ولا بيّنة لها، وأما فيما بينها وبين الله تعالى فهي في سعة من ذلك، قال: وقد وقعت هذه الحادثة في زمن السيد الإمام أبي شجاع، فسألته عن ذلك بالفتوى وكَتَب أنه يجوز ثم سألته بعد ذلك بمدّة فقال لا يجوز ولا نطلق لها ذلك، فلعله إنما أجاب بذلك في حق التي لا يوثق بقولها، فلا يؤمن من أن تكذب تطرقاً في مخالطة من تريده سفاحاً فتصور ذلك نكاحاً.

وسئل أبو القاسم عن امرأة سمعت من زوجها أنه طلقها ثلاثاً، ولا تقدر أن تمنع نفسها منه هل يسعها أن تقتله؟ قال: لها أن تقتله في الوقت الذي يريد أن يقربها ولا تقدر على منعه إلا بالقتل، قال نجم الدين النسفي رحمه الله في «فتاويه» : وهكذا كان فتوى شيخ الإسلام أبي الحسن عطاء بن حمزة، والسيد الإمام الأجل أبي شجاع رحمهما الله فكان القاضي الإمام الإسبيجابي رحمه الله يقول: ليس لها أن تقتله، وكان يستدل بما ذكر محمد رحمه الله في كتاب الإكراه أن السلطان إذا أكره امرأة على الزنا، فمكنت لا تأثم بخلاف الرجل إذا كان مكرهاً على الزنا حيث يأثم، وإذا لم تأثم أن توطأ وهي مكرهة لم تكن مضطرة إلى قتل الزوج. قال نجم الدين رحمه الله فحكي له أن السيد الإمام أبا شجاع رحمه الله يقول: لها (أن) تقتله فقال: إنه رجل كبير وله مشايخ أكابر لا

<<  <  ج: ص:  >  >>