وفي «فتاوى محمد بن الوليد السمرقندي» رحمه الله في باب مناقب أبي حنيفة رحمه الله عن عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة رحمهما الله أن من طلق امرأته ثلاثاً ثم قصدها، فإنها ترده عن نفسها ولها أن تقتله. وفي آخر باب الاستحسان: إذا شهد شاهدان عدلان أن زوجها طلقها ثلاثاً وهو يجحد ذلك ثم ماتا أو غابا قبل أن يشهدا عند القاضي لم يسعها أن تقيم معه وأن تدعه يقربها. فإن حلف الزوج على ذلك والشهود قد ماتوا فردها القاضي عليه لا يسعها المقام معه، وينبغي لها أن تفتدي بمالها أو تهرب منه وإن لم تقدر على ذلك قتلته متى علمت أنه يقربها، لكن ينبغي أن تقتله بالدواء، وليس لها أن تقتل نفسها، وإذا هربت منه لم يسعها أن تعتد وتتزوج بزوج آخر، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في شرح كتاب الاستحسان: هذا جواب الحُكم. فأما فيما بينها وبين الله تعالى إذا هربت فلها أن تعتد وتتزوج بزوج آخر والله أعلم.
(نكاح الفضولي في النكاح المضاف)
وأما المسائل التي تتعلق بنكاح الفضولي في الطلاق المضاف: إذا حلف الرجل بطلاق امرأة بعينها إن تزوجها، فزوجه رجل تلك المرأة بغير أمره وأجاز هو قولاً أو فعلاً. أو حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها، فزوجه رجل امرأة بغير أمره فأجاز هو قولاً أو فعلاً، قال بعض مشايخنا: إن أجاب بالقول يحنث وإن أجاز بالفعل؛ لا يحنث. وقال بعضهم: يحنث أجاز بالقول أو بالفعل، لأن الإجازة في الانتهاء بمنزلة الإذن (في) الابتداء من حيث إن العاقد بالإجازة يصير نائباً عن المجيز من ذلك الوقت، وفعل النائب كفعل المنوب عنه، فيصير متزوجاً من ذلك الوقت، وقال بعضهم لا يحنث أجاز بالقول أو بالفعل وإليه أشار في «الزيادات» وهو الأشبه. ووجه ذلك أنّا لو جعلناه حانثاً بالإجازة لجعلناه متزوجاً إياها عند الإجازة لأن شرط الحنث التزوج، ولو صار متزوجاً إياها لصار متزوجاً من وقت مباشرة العقد فيقع الطلاق من ذلك الوقت. وإذا وقع من ذلك الوقت تبين أن الإجازة كانت باطلة إذ تبين أن الإجازة بعد وقوع الطلاق وارتفاع النكاح والإجازة بعد ارتفاع النكاح لا تعمل.
وإذا تبين بطلان الإجازة تبين أنه لم يصر متزوجاً (٢٢٥ب١) إياها وبدونه لا يقع الطلاق، فتبيّن بطلان الطلاق ففي إيقاع الطلاق ابتداء إبطاله انتهاءً، ولا يقع الطلاق ابتداءً ويجعل في حق الطلاق كأن الإجازة لم توجد، قال نجم الدين رحمه الله: فكلُّ جواب عرفته في قوله أتزوجها فهو الجواب في قوله كل امرأة تدخل في نكاحي؛ لأن دخولها في نكاحه لا يكون إلا بالتزوج، فكان ذكر الدخول في نكاحه بمنزلة ذكر التزوج، فصار كأنه قال: كل امرأة أتزوجها. وبتزويج الفضولي لا يصير متزوجاً. وهذا بخلاف ما لو قال: كل عبد يَدخل في ملكي فهو حرٌّ، فإنه يعتق بعقد الفضولي إذا أجازه؛ لأن ملك اليمين لا يختص بالشراء، بل له أسباب، فلا يكون ذكره ذكراً للشراء أما ههنا بخلافه؛ وإذا قال: كل امرأة تصير حلالاً لي فهذا وما لو قال: كل امرأة تدخل في نكاحي سواء.
وحكي عن الفقيه أبي جعفر الهندواني رحمه الله أنه قال: وقال بعض الفقهاء الحيلة