في هذه الصورة أن يزوجه فضولي امرأة بغير أمره وبغير أمرها ثم يجيز هو النكاح ثم تجيز النكاح فيقع الحنث قبل إجازة المرأة بإجازة الزوج، فإجازتها لا تعمل فيجددان النكاح بعد ذلك، فيكون هذا نكاحاً جائزاً لأن اليمين انعقدت على زوج واحد، ثم الفعل الذي تقع به الإجازة في نكاح الفضولي فعل هو يختص بالنكاح، وهو بعث شيء من المهر وإن قل، وأما بعث الهدية والعطية لا يكون إجازة؛ لأنه لا يختص بالنكاح بل قد يكون بطراً أو أجراً فلا يكون ذلك إجازة للنكاح، هكذا حكي عن نجم الدين رحمه الله، فعلى هذا القياس لو بعث إليها شيئاً من النفقة لا تكون إجازة؛ لأن النفقة لا تختص بالنكاح.
وسئل نجم الدين رحمه الله عمن قال: كل امرأة أتزوجها أو يتزوجها غيري لأجلي، فهي طالق ثلاثاً فما الوجه فيه؟ قال إن تزوج الفضولي لأجله فيقع الطلقات الثلاث ولكن لا يحرمه عليه؛ لأنها تطلق قبل دخولها في ملك الزوج فلا تحرم عليه، ألا ترى أن بعد عقد الفضولي لو طلقها الزوج ثلاثاً لا تحرم عليه وإنما لا تحرم؛ لأن الطلاق إنما يقع قبل دخولها في ملك الزوج فكذا ههنا؛ إلا أنه لا تقبل الإجازة؛ لأنه صار مردوداً فيعقد الفضولي ثانياً لأجله ويجيز هو بالفعل على ما ذكرنا، هكذا حكي عن نجم الدين رحمه الله، وعندي: أن في الكرّة الثانية لا حاجة إلى عقد الفضولي بل إذا تزوج بنفسه لا تطلق؛ لأن اليمين في حق هذه المرأة انجلت بتزوج الفضولي له. ألا ترى أن من قال: إن تزوجت فلانة أو أمرت إنساناً أن يزوجها فهي طالق فأمر إنساناً ليزوجها منه فزوجها لم تطلق؛ لأن اليمين انحلت بالأمر لا إلى جزاء وكذلك إذا قال: إن خطبت فلانة أو تزوجتها فهي طالق فتزوجها لم تطلق لأن اليمين انحلت بالخطبة لا إلى جزاء وسئل هو أيضاً عمن إذا قال لامرأة: أتزوجها أو تزوجها غيري لأجلي وأجيزه فهي طالق ثلاثاً، قال: لا وجه لجوازه، لأنه شدد على نفسه.
إذا قال الحالف لغيره راسوكند ست براين وجه وبعقد فضولي حاجب است ولم يأمره بالعقد فعقد وأجاز الحالف بالفعل لا يحنث. ولو قال: ارتهرمن عقد فضولي إن فهذا توكيل فيحنث الحالف، وإذا حلف لا تطلق امرأته وطلقها فضولي، وأجاز النكاح الزوج ذلك قولاً أو فعلاً، فالجواب فيه نظير الجواب في النكاح، والله أعلم.
(الحيل في رفع اليمين في الطلاق المضاف)
وأما المسائل التي تتعلق برفع اليمين في الطلاق المضاف الحنفي إذا عقد اليمين على جميع النسوة بأن قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو عقد اليمين على امرأة واحدة بأن قال لامرأة: إن أتزوجك فأنت طالق فتزوج امرأة في الفصل الأول أو تزوج تلك المرأة بعينها في الفصل الثاني ثم إنهما رفعا الأمر إلى حاكم يعتقد مذهب الشافعي رحمه الله وقضى بجواز النكاح وبطلان اليمين المضاف نفذ قضاؤه وصارت المرأة حلالاً له بلا خلاف إن كان الحالف عاميّاً، وإن كان فقيهاً فكذلك في قول محمد رحمه الله. وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: لا تصير حلالاً، هكذا وقع في بعض النسخ، ووقع في بعض النسخ وإن كان فقيهاً فكذلك في ظاهر الرواية فروي عن أبي يوسف رحمه الله في غير رواية «الأصل» لا تصير حلالاً.