الأول: أن لا يجد أحداً يوضئه، وفي هذا الوجه يجوز له التيمم في ظاهر مذهب أصحابنا، وعن محمد رحمه الله أنه لا يجوز له التيمم في المرض هكذا ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، وذكر شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده، والشيخ الإمام الزاهد أبو نصر الصفار: أنه يجوز له التيمم بالاتفاق، وأما إذا وجد أحداً يوضئه فهذا على وجهين: الأول: أن يكون ذلك الإنسان الذي يوضئه حراً وفي هذا الوجه قال أبو حنيفة رحمه الله: يجز ئه التيمم، وقالا: لا يجزئه وكذلك على هذا الاختلاف إذا كان مريضاً لا يستطيع استقبال القبلة أو في فراشه نجاسة، ولا يستطيع التحول ووجد من يحوله ويوجهه إلى القبلة لا يفترض عليه ذلك عنده، وعندهما يفترض، وكذلك الأعمى إذا وجد قائداً يقوده إلى الحج لا يفترض عليه الحج عنده، وعندهما يفترض. والمقعد إذا وجد من يحمله إلى الجمعة، ذكر الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله: أنه لا جمعة عليه عند الكل، قال: وينبغي أن لا يكون عليه الحج، ولا حضور الجماعات بلا خلاف، وذكر القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي رحمه الله: أن الكل على الخلاف.
الوجه الثاني: إذا كان الذي يوضئه مملوكاً له بأن كان عبداً له أو أمة له، لا شك أن على قولهما لا يجوز له التيمم، وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله فقد اختلف المشايخ، والصحيح أنه لا يجوز، حجتهما: أنه تيمم وهو قادر على الوضوء، والوضوء لا يضره فلا يجزئه التيمم قياساً على عديم الماء إذا....، وأبو حنيفة رحمه الله يقول: بأن وجوب الوضوء علق باستطاعة مملوكه لا باستطاعة مباحة له قال الله تعالى: {لا يكلف انفساً إلا وسعها}(البقرة: ٢٦٨) معناه إلا ما وسعها فلو أوجبنا الوضوء فيما إذا كان الموضىء حراً، فقد كلفناه نظافة الغير، وأنه خلاف اليسر.
يوضحه: أن الإيجاب يعتمد القدرة، والقدرة على التوضؤ في الأصل بفعله وفعله مملوك له، وفيما لم يصر فعل غيره مملوكاً له لا تثبت الاستطاعة، ومنافع العبد مملوكة له، بخلاف منافع الأجنبي وليس كالماء لأنه يوجد مباح الأصل غالباً، والحظر عارض فتعلق الوجوب بالقدرة الثابتة بالإباحة فإن الأحكام تتعلق بالأصول لا بالعوارض، أما ههنا بخلافه، والدليل على أن المعتبر لحالة مملوكه لا لحالة مباحة أن الابن إذا بذل الزاد والراحلة لأبيه والأب معدم لا يفترض عليه الحج، وكذا المكفر إذا بذل له أبوه المال لا يلزمه التكفير بالمال، والذي يؤيد ما قلنا: العاجز عن القيام تجزئه الصلاة قاعداً وإن وجد من يقيمه عبداً كان أو غيره، وهذا الفصل دليل على أنه لا فرق بين العبد والحر وهذا لأن القدرة وصف القادر، فلا يصير الإنسان قادراً بقدرة الغير.
وإذا كان بدن الجنب جريحاً أو أعضاء المحدث، فإنه يتيمم ولا يستعمل الماء فيما