للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مشايخ بلخ أنه تدخل فيه امرأته أيضاً وإن لم ينوها لأن العرف قد مشى فيما بينهم أنهم يريدون بهذه اللفظة النساء، قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله حتى لو فشى هذا العرف فيما بينا أيضاً دخلت امرأته في اليمين من غير الله وبعض مشايخ زماننا.

وفي قوله حلال بر من حرام هرجه حلال است مرا بر من حرام أنه ينصرف إلى الطلاق من غير نية لأنه علة استعمال هذا في النساء ثم على ما هو جواب محمد رحمه الله إذا نوى امرأته حتى دخلت فيه امرأته لا يخرج الطعام والشراب من اليمين فيحنث إذا أكل أو شرب أو قرب امرأته وتلزمه الكفارة ويصير تقدير المسألة كأنه قال والله تناول النساء والطعام والشراب، وإذا تناول شيئاً من الطعام والشراب حنث في يمينه وانقضى حكم يمينه حتى لو قرب امرأته بعد ذلك لا يحنث في يمنه أن يتناول شيئاً (٢٣٥ب١) قليلاً أو كثيراً من الطعام والشراب بخلاف ما إذا قال والله لا آكل هذا الطعام أو الشراب وذلك مما يستوفيه واحد، فإن هناك لا يحنث في يمينه ما لم يستوف جميع ذلك.

والفرق: أن هناك الحنث بحكم الشرط، والحرمة تثبت ضرورة كون الأكل والشرب شرطاً والحالف جعل أكل كل الطعام وشرطا، والمعلق بالشرط لا ينزل عند وجود بعضها وأما ههنا الحرمة لموجب التحريم وضرورته شرطاً كان ضرورة تنوب الحرمة، والحرمة إذاً ثبتت للمعنى صار كل جزء جواباً، فصار الحلال اليمين وجوب الكفارة معلقاً يناول جزءاً منه فكذلك لا يدخل في هذا اليمين اللباس إلا بالنية وإذا نوى اللباس حتى دخل اللباس تحت اليمين لا يخرج الطعام والشراب عن اليمين فإنه ليس شيئاً من الملبوسات حنث في بيمنيه فتلزمه الكفارة وينقضي حكم اليمين.

والحاصل: أنه إذا لم ينو في هذه اليمين شيئاً بعينه من الحلال فيمينه على الطعام والشراب خاصة، وإن كان اللفظ عاماً صالحاً يناول جميع الحلال به لأنه مقصود الحالف من اليمين البر دون الحنث، ولا تصور للبر إذا حمل على العموم، لأنه حينئذٍ يصير مرتكباً هو شرط الحنث عقب اليمين؛ لأن التنفيس وفتح العين والقعود والقيام بها أشبه ذلك من الأشياء التي لا يخلو الإنسان عنها تدخل تحت التحريم.

وإذا تعذر اعتبار معنى العموم فدخل على المتعارف وهو الطعام والشراب الذي بهما قوام النفس فلا يدخل تحت التحريم سواهما إلا بالنية، ولو نوى الطعام خاصة أو الشراب خاصة، أو اللباس خاصة، فهو على ما نوى فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء، أما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه نوى ما يحتمله لفظه، وأما في القضاء فلأن عدم التصديق في القضاء لو كان إنما يكون لمراعاة العموم، وقد سقط اعتبار العموم على ما بينا، ولو نوى المرأة خاصة، ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «شرحه» أن نيته لا تعمل، ويكون يمينه على الطعام والشراب والنساء، وعن أبي حنيفة رحمه الله في فصل التعليق إذا قال الرجل: كل حل حرامٌ إذا دخلت الدار فدخلها، إن هذا على الطعام والشراب خاصة دون ما سواه، وإن نوى، امرأته دون ما سواها فهو كما نوى فليس على الطعام ولا على الشراب، فذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنّه يصدَّق ويعمل بنيتهُ، وهكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>