للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر القدوري في «شرحه» ، وإن قال نويت بهذا الطلاق في امرأتي فإن نيته تعمل في طلاق امرأته، فيخرج الطعام والشراب من أن يكون مراداً حتى لو أكل أو شرب بعد ذلك لا يحنث من يمينه، لأن اللفظ واحد، واللفظ الواحد لا يجتمع فيه معنيان مختلفان، ومعنى الطلاق غير معنى اليمين أصلاً، فروى إبراهيم عن محمد رحمه الله وإذا قال: كل حلِّ عليَّ حرام ونوى الطلاق في لسانه واليمين في نعم الله تعالى فهو طلاق ويمين.

وفي «نوادر ابن سماعة» : عن أبي يوسف رحمه الله إذا قال لامرأتين له: أنتما عليّ حرام ينوي الطلاق في إحديهما واليمين أي الإيلاء في الأخرى فهما طالقتان فهكذا روي عن محمد رحمه الله أيضاً.

ووجه ذلك: أن اللفظ واحد فلا يحتمل معنيين مختلين فحمله على الأغلظ وهو الطلاق عند عدم إمكان اعتبارهما، وكذلك إذا نوى في إحديها ثلاث تطليقات وفي الأخرى واحدة فهما طالقتان ثلاثاً لأن الحرمة بالثلاث. نوع آخر غير الذي يثبت بالواحدة فلا يجتمعان في لفظ واحد، فحمل على الأغلظ.

وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله الأمر كما نوى يقع على إحديهما ثلاث تطليقات وعلى الأخرى واحدة، لأن هذا اللفظ للثلاث حقيقة، والواحدة كالمجاز، لأن الحرمة المطلقة تثبت بالثلاث فصار نظير لفظة النذر، إذا نوى به النذر واليمين، وهناك يكون يميناً ونذراً عند أبي حنيفة رحمه الله، خلافاً لأبي يوسف رحمه الله كذا ههنا.

ولو قال هذه عليَّ حرام وهذه وهو ينوي الطلاق في إحديهما فالإيلاء في الأخرى، فهما طالقتان لأنه كلام واحد حنث، قال وهذه، ولم يقل وهذه علي حرام، والكلام الواحد لا ينتظم معنيين مختلفين فحمل على الأغلظ وهو الطلاق.

ولو قال هذه عليَّ حرام ونوى الطلاق، وهذه عليّ حرام ينوي الإيلاء، فهو كما ينوي، لأنهما لفظان وكلامان، فجاز أن يراد بكل واحد منهما معنى على حدة، ولو قال لأمرأته وأم ولده أنتما علي حرام، ينوي في الحرة اليمين وفي أم الولد الطلاق فهو يمين فيهما.

وعن اسماعيل بن حماد عن أبي يوسف رحمه الله في رجل قال لامرأته وجاريته أعتقتكما ينوي طلاق المرأة وعتاق الأمة قال: تعتق الأمة ولا تطلق المرأة، قال: لأن العتق أغلب لأنه لا يحتاج فيه إلى نية، ولو قال لثلاث نسوة أنتنّ علي حرام ينوي لأحداهن طلاقاً، واليمين في الأخرى، والكذب في الثالثة طلقن جميعاً، هكذا ذكر في «النوازل» ، قال الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» ، وهذا قول أبي يوسف رحمه الله، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله يجب أن تكون كما نوى قياساً على المسألة المتقدمة. ولو قال لها: أنت علي حرام، قال ذلك مرتين ونوى بالمرة الأولى الطلاق وبالمرة الثانية اليمين فهو على ما نوى بالإجماع لأن اللفظ مختلف.

وقد مرَّ جنس هذا، إذا قال حلال الله علي حرام أو قال حلال حرام أو قال: حلال هذا بر من حرام إن فعلت كذا، أو قال حلال المسلمين فهذا كله طلاق بائن، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>