أمراً بخلاف الظاهر فلا يصدق القاضي بيان أنها صالحة للجواب، لأن الصالح للجواب عن سؤال الطلاق كل لفظة منه إيجاب نفس الطلاق إذ إيجاب حكمه، لأنها تطلب بالطلاق حكمه.
إذا ثبت هذا فنقول في هذه الألفاظ إيجاب حكم الطلاق لأن حكم الطلاق ما يثبت بالطلاق من غير فعل فاعل مختار، والبينونة والحرمة والخلو عن النكاح والمرأة عن النكاح يثبت بنفس الطلاق من غير فعل فاعل مختار فكانت هذه الألفاظ صالحة للجواب من هذا الوجه.
بخلاف قوله: اغربي اذهبي، اخرجي، تقنعي، استتري، تخمري لأنه ليس في هذه الألفاظ تنصيصاً على حكم الطلاق، لأن الذهاب والتقنع والتستر والتغرب كلها أفعال اختيارية لا أحكام شرعية ولم توجد الإجابة لا في عين الطلاق ولا في حكمه.
وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه ألحق قوله خليت سبيلك لا سبيل لي عليك، لا ملك لي عليك، الحقي بأهلك، فارعتك، سرحتك بقوله خلية، برية وأشباهها فقال لا يصدّق الزوج في القضاء، إذا قال الزوج لم أنوبها الطلاق في حال مذاكرة الطلاق، لأنها صالحة للجواب فيجعل جواباً بدلالة الحال ولها في حالة الغضب كل ما لا يصلح للشتم ويصلح للطلاق الذي يدل عليه الغضب يجعل طلاقاً فلا يصدق الزوج في قوله: أنوي به الطلاق، وما يصلح رداً فيصلح جواباً، نحو قوله: اعدلي اخرجي، لا يجعل طلاقاً وصلاحية هذه الألفاظ للرد أن يرد الزوج بقوله: اخرجي، اتركي سؤال الطلاق، ولما احتمل هذا الرد والإجابة تثبت الأولى.... أو الرد أدنى والإجابة أعلى، ولا تثبيت الإجابة بالشك وما يصلح أن يكون جواباً، ويصلح تسميه بحق قوله: خلية، برية، بتة، بائن حرام لا يجعل طلاقاً إذا قال: لم أنو به الطلاق وصلاحية هذه الألفاظ التسمية إن يريد الزوج بقوله: خلية الخلية من الخيرات، ويريد بقوله برية البرية عن الطاعات، والمحامد، ويريد بالبته والبائن أبتة والبائن عن كل ... ، فإذا احتمل الشتم والطلاق، وحالة المقايضة كما تدل على الطلاق تدل على الشتم يثبت أدناهما وهو....، وإن نوى في الخلية والبرية وألبتة والبائن والحرام ثلاثاً أو واحدة بائنة، فهو على ما نوى، أما في البائن والحرام، لأن البينونة به نوعان غليظة لا تحتمل الفصل، وخفيفة تحتمل الوصل، وكذا الحرمة ولكل نوع مقتضى، فتقتضي الخفيفة طلقة واحدة ومقتضى الغليظ الثلاث، فعند عدم النية تثبت الخفيفة وهو الخفيفة، وإذا نوى الغليظة تثبت الغليظة، لأنه نوى أحد نوعي الحرمة واحد نوعي البينونة، وكذا في الخلية والبرية وألبتة لأن هذه الألفاظ تبنى عن البينونة، والبينونة على ما مر.
وأما قوله: اعتدي لا يكون إلا واحدة تملك الرجعة، لأنه أمر بالاعتداد وليس فيه ما يبنى في الطلاق لأن الأمر بالاعتداد لما كان لا يصلح إلاّ بعد سابقة للطلاق اقتضى