طلاقاً سابقاً ليصح الأمر بالاعتداد، والمقتضى بائن بطريق الضرورة، يرتفع بأصله فلا يظهر سبق الطلاق في حق صحة بنية الثلاث فيه في قوله: اخرجي، اذهبي، اغربي، تقنعي، استتري، تخمري، تصح نية الثلاث، لأن هذه الألفاظ يبنى عن البينونة، وأنها نوعان على ما مر، وإذا قال لها وهبتك لأهلك فهو من جملة الكنايات لا يقع الطلاق به إلا بالنية، وإنما وقع الطلاق بالنية لأنه نوى ما يحتمله لفظه، لأن الهبة تقتضي زوال الملك، ويتسوى إن قبلتها أو لم تقبلها، لأن القبول في الهبة إنما يحتاج إليه لدخول الموهوب في ملك الموهوب له والبائن ههنا: إزالة الملك، فلا يحتاج إلى القبول.
وروي عن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا قال لها: وهبتك لأهلك، أو لأبيك، أو لأمك أو للأزواج فهو طلاق، إذا نوى لأن المرأة ترد على هؤلاء فلا يكون بالطلاق، ويملكها الزوج بعد الطلاق فكانت من مدلولات هذه الألفاظ، ولو قال وهبتك لأخيك، أو لأختك أو ما أشبه ذلك، فليس بطلاق، وإن نوى لأن المرأة بالطلاق لا ترد على هؤلاء فلا يكون الطلاق من مدلولات هذا، وإذا قال لها وهبت نفسك منك، فهو من جملة الكنايات إن نوى به الطلاق يقع وإلا فلا، ولو قال لها: ألحقك لا تقع وإن نوى، ولو قال لها: جهارداه برتوكشادم دست لا يقع الطلاق، وإن نوى ما لم يقل خذي إنها سبب عند أكثر المشايخ، وأنه منقول عن محمد رحمه الله، ولو قال جهارداه برتوكشادم يقع الطلاق إذا نوى، وإن لم يقل خذي أيها شئت لأن في الوجه الأول أخبر عن كون الطلاق مفتوحة عليها فهي كذلك، فإذا قال خذي في أيها شئت فكأنه قال: اذهبي، ونوى الطلاق، وفي الوجه الثاني أخبر عن فتح الطريق عليها وذلك قد يكون بالإذن، وقد يكون برفع النكاح بالطلاق، فإذا نوى رفع النكاح فقد عين الطلاق، ولو قال لها: اذهبي فتزوجي لا يقع الطلاق إلا بالنية، وإن نوى فهي واحدة بالله وإن نوى الثلاث فهي ثلاث، وإذا قالت لزوجها طلقني فقال: لا أفعل فقالت إن لم تطلقني أذهب فأتزوج فقال الزوج: سوى كن خوانتي بكلي خواهي دوخواهي نية لا يقع الطلاق في «واقعات الصدر الشهيد» رحمه الله، ولو قال: اذهبي البسي الثوب أو قال: اذهبي فتقنعني أو ما أشبه ذلك فأراد بقوله: اذهبي الطلاق لا تطلق.
وفي «مجموع النوازل» : دستاز من بدار فقال لها: اذهبي إلى جهنم ونوى الطلاق يقع.
نوع آخر
في قوله: نهشم وما يتصل به. الأصل في هذا النوع من الألفاظ أن يقال كل لفظ في الفارسية يستعمل في الطلاق، ولا يستعمل في غيره، فهو كصريح الطلاق بالعربية، وإن كانت اللفظة مستعملة في الطلاق وغيره فهو بمنزلة كنايات العربية.
إذا ثبت هنا فنقول (٢٣٧أ١) إذا قال الرجل لامرأته بهشتم ترا أرزتي فاعلم بأن هذا لفظ استعمله أهل خراسان وأهل العراق في الطلاق، وإنه صريح عند أبي يوسف رحمه الله، حتى كان الواقع به رجعياً ويقع بدون النية لأن الناس تعارفوا إيقاع الطلاق