للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الاختلاف من حيث الصورة وقع في إيفاء الدين والمنازعة في إيفاء الدين معتبر في الجملة، ويكون القول قول من ينكر الإيفاء، ألا ترى أنه لو لم يكن بالمال كفيل ووقع الاختلاف بين رب الدين وبين المديون في الإيفاء كان القول قول رب الدين.

فهو معنى قولنا أمكن اعتبار المنازعة فيما وقع فيه الاختلاف من حيث الصورة، فلا تعتبر المنازعة من حيث المعنى، وباعتبار الصورة الطالب منكر، وفي مسألة اليمين تعذر اعتبار المنازعة فيما وقع فيه الاختلاف صورة، وهو الدخول وعدم الدخول.

ألا ترى أنه لو وقعت المنازعة في الدخول وعدم الدخول ابتداء من غير أن يكون فيه تعليق العتق لأن تعليق العتق لا يعتبر المنازعة أصلاً، فاعتبر بالمنازعة في المعنى، ومن حيث المعنى المولى ينكر العتق.

وخرج على هذا مسألة «الجامع الصغير» : لأن هناك تعذر اعتبار المنازعة، وفيما وقع فيه الاختلاف صورة والحج وعدم الحج، ألا ترى أنه لو وقع الاختلاف فيه ابتداء من غير أن يكون فيه تعليق العتق لا تعتبر المنازعة فيه أصلاً، فاعتبرنا المنازعة من حيث المعنى.

جئنا إلى مسألة الأمر باليد، فنقول: أمكن اعتبار المنازعة فيما وقع فيه الاختلاف صورة، وهو إعطاء النفقة وعدم الإعطاء، ألا ترى أنه لو وقع الاختلاف فيه ابتداء بأن قال الزوج للمرأة: أعطيت نفقتك، وقالت المرأة: لم تعطني، كان القول قول المرأة، فقد أمكن اعتبار المنازعة فيما وقع فيه الاختلاف صورة، وباعتبار الصورة المرأة منكرة، فيكون القول قولها.

امرأة قالت لزوجها: أريد أن أطلق نفسي، وقال الزوج: نعم. وقالت: طلقت نفسي. ذكر الصدر الشهيد رحمه الله في باب ... أنها تطلق من غير تفصيل.

وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله ذكر المسألة على التفصيل: إن نوى الزوج التفويض يقع، وإن نوى الرد يعني: طلقي إن استطعت لا تطلق.

وعلى قياس مسألة الأمان المذكورة في «السير» ينبغي أن يقال: إن غيّر الزوج النغمة في قوله: نعم، بحيث يعلم أنه أراد به الاستهزاء والرد لا تطلق. وذكر في طلاق «الجامع» : إذا قال الرجل لغيره: أمر امرأتي بيد الله وبيدك، وهو يريد الطلاق، فطلقها الرجل يقع الطلاق؛ لأن اسم الله في مثل هذا إنما يذكر للتبرك به عند افتتاح الكلام على هذا استعمال الناس، وقد تأيد ذلك بالكتاب، وهو قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} (الأنفال: ٤١) مطلق الكلام ينصرف إلى المتعارف، فيكون هذا تفويضاً للطلاق إلى من خاطبه وحده، فإذا أوقع يقع.

وإذا قال: أمر امرأتي بيدي ويدك، أو قال: جعلت أمرها بيدي ويدك وطلقها المخاطب لم يجز طلاقه إلا أن يخير الزوج؛ لأنه ما جرت العادة بذكر المتصرف بنفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>