للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداء للتبرك، فلا بد وأن يحمل ذكر المتصرف بنفسه على وجه يخرج من أن يكون لغواً، وذلك بأن يحمل بأن مراده من هذا أن لا يتصرف المخاطب على وجه الاستبداد بخلاف الفصل الأول.

وفي «الجامع» أيضاً (٢٤٠أ١) : إذا قال الرجل: أمر امرأتي بيدك، وطلقها الوكيل قبل أن يقوم عن المجلس فهي واحدة بائنة إلا أن ينوي الزوج ثلاثاً، فتكون ثلاثاً. ولو قام الرجل عن مجلسه قبل أن يطلقها بطل الأمر؛ لأن قول الزوج، وطلقها عقيب قوله: أمر امرأتي بيدك علم أنه أراد مما سبق جعل الأمر إليه في الطلاق، فكان هذا تفويض الطلاق إليه والتفويض مقصور على المجلس، وكذلك لو قال: طلقها وأمرها بيدك كان هذا وما تقدم سواء.

ولو قال له: طلق امرأتي قد جعلت ذلك إليك، أو قال: جعلت طلاق امرأتي إليك فطلِّقها، فهذا والفصل الأول سواء، يريد به أنه يقتصر على المجلس. وإذا طلقها في المجلس كان الواقع رجعياً، بخلاف الفصل الأول؛ لأن في الفصل الأول التفويض حصل بقوله: أمر امرأتي بيدك وإنه من جملة الكنايات، فيكون المفوض إليه تطليقة بائنة، والتفويض ههنا حصل بقوله: طلقها، وإنه صريح. وقوله: قد جعلت ذلك إليه إشارة إلى ما سبق ذِكْره. والذي سبق ذكره صريح الطلاق، فكأنه قال: جعلت إليك صريح الطلاق فطلِّقها. ولو نص على ذلك كان المفوض إليه طلقه رجعية، كذا ههنا.

وفي «المنتقى» : إذا قال لغيره: طلق امرأتي فقد جعلت أمرها بيدك فهذا وكيل يطلق في المجلس وغيره، والطلاق رجعي. ولو قال: جعلت أمرها بيدك فطلقها، فهذا على المجلس، والطلاق بائن.

ولو قال له: طلق امرأتي وقد جعلت امرأتي أمرها بيدك، وإن طلقها في المجلس طلقت تطليقتين لا يملك الرجعة بعد ذلك.

ولو قام عن مجلسه وطلقها تقع واحدة رجعية؛ لأن قوله طلق امرأتي توكيل بصريح الطلاق. وقوله: قد جعلت أمرها بيدك هذا تفويض آخر ليس بحكم الأول؛ لأن حرف الواو لا يحتمل ذلك، وقد صار الحال حالة مذاكرة الطلاق بما سبق ذكره، وهو قوله: طلق امرأتي، فكان هذا (الوكيل) بصريح الطلاق، وتفويضاً للطلاق إليه.

فإذا قال في المجلس: طلقها، صار جواباً لهما، فلا رجعة مع البينونة، ولهذا قال: وقعت تطليقتين لا يملك الرجعة.

وإذا قام عن المجلس بطل التفويض وبقي التوكيل بصريح الطلاق، فتقع به واحدة رجعية إلا إن نوى الزوج الثلاث فحينئذ تقع الثلاث، لأن هذا أمر بالطلاق وإنه يحتمل الثلاث.

وكذلك الجواب فيما إذا قال له: جعلت أمرها بيدك وطلقها، جعل قوله وطلقها في هذه الصورة تفويضاً مبتدأً حتى قال له: جعلت أمرها بيدك وطلقها إذا طلقها في المجلس. طلقت ثنتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>