للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين اليوم والغد في الفصل الثاني بحرف الجمع فينزل منزلة الجمع بلفظ الجمع، فكأنه قال: يومين وهناك تدخل الليلة لما عرف أن اسم اليومين يستتبع الليلة، وإنما كان لها الأمر بعد الغد في الفصل الأول، لأن في الفصل الأول الموجود أمران لأن بمجيء الغد ينقطع الأمر الأول لما لم يدخل الليل في الأمر، والأمر إذا انقطع لا يعود به إلا بتجديد الأمر، فاقتضى ذكر ما بعد الغد معطوفاً على اليوم أمراً آخراً حتى يصح العطف، فثبت أن الأمر متعدد فإبطال أحدهما لا يكون إبطالاً للآخر.

كما لو قال لها: أمرك بيدك اليوم، وأمرك بيدك بعد غد، بخلاف المسألة الأولى على قول من يقول ببطلان الخيار في جميع الشهر. إذا قالت: اخترت زوجي لأن هناك الأمر واحد، لأن الوقت واحد لم يتخلله وقت لا خيار فيه ولهذا دخلت الليالي فإذا كان الأمر واحد، فإذا بطل بالرد لا يبقى نفسه.

أما في الفصل الثاني الموجود أمر واحد؛ لأنه جمع بين الغد واليوم بحرف الجمع فصار كأنه جمع بينهما بلفظ الجمع، وهناك يكون الأمر واحد فههنا كذلك، وإذا أبطلته في اليوم بطل في نفسه.

وذكر ابن سماعة عن محمد رحمهما الله: إذا قال لها: أمرك بيدك اليوم وغداً وبعد غد، فردت الأمر اليوم، بطل خيارها في اليوم فكان لها الخيار غداً، وكذلك إن ردت اليوم وغداً، فلها الخيار بعد الغد.

ثم رجع عن هذا فقال: إذا ردت الأمر اليوم: بطل الأمر كله، وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا قال لها: أمرك بيدك هذه السنة، فاختارت نفسها ثم تزوجها، لم يكن لها خيار في باقي السنة لأن الأمر واحد، إلا أنه ممتد، فإذا استوفت مرة لا يبقى في نفسه، قال أبو يوسف رحمه الله: وقياس قول أبي حنيفة رحمه الله أن يثبت لها خيار آخر، ولم يظهر لنا وجه القياس. ولو طلقها زوجها واحدة ولم يكن قد دخل بها، ثم تزوجها في تلك السنة، فلها الخيار في قول أبي حنيفة رحمه الله، لأنها لم تستوف موجب الخيار، وتطليقات ذلك الملك باق، فيبقى موجب التخيير.

وقال أبو يوسف رحمه الله: لا خيار لها لأن الزوج أزال بنفسه عما جعل، إليها إزالته، فيخرج الأمر من يدها كالموكل بالبيع إذا باع عين ما وكل ببيعه، غير أن هذا مشكل، لأن التخيير ينصرف إلى تطليقات هذا الملك فإذا بقي شيء من تطليقات هذا الملك يبقى موجب التخيير إذا قال لها: يوم يقدم فلان فأمرك بيدك، فقدم فلان نهاراً فلم يعلم به حتى جن الليل فلا خيار لها، ولو قال لأجنبية يوم أتزوجك فأنت طالق فتزوجها ليلاً يحنث في عينيه فجعل اليوم في مسألة الأمر عبارة عن بياض النهار وفي مسألة التزوج جعله عبارة عن مطلق الوقت.

والأصل في ذلك أن اليوم لغة يستعمل لمطلق الوقت فيحتمل الليل والنهار جميعاً، ويستعمل أيضاً في بياض النهار خاصة، والنهار لا يستعمل إلا في البياض، والليل لا يستعمل إلا في السواد، هذا هو المشهور من أهل اللغة، غير أن الناس تعارفوا استعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>